الأول في وجه مطابقة هذا للترجمة ; فقال صاحب التلويح وتبعه صاحب التوضيح : لما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حمل الحائض العلاقة التي فيها المصحف نظرها بمن يحفظ القرآن فهو حامله ، لأنه في جوفه كما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير هو في جوفه ، ولما قرأ nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ورقة وهو جنب قال : في جوفي أكثر من هذا ، ونزل ثياب الحائض بمنزلة العلاقة وقراءة الرجل بمنزلة المصحف لكونه في جوفه ، قلت : هذا في غاية البعد ; لأن بين قراءة الرجل في حجر امرأته وبين حمل الحائض المصحف بعلاقته بون عظيم من الجهة التي ذكرت ، لأن قوله : ( نظرها ) إما تشبيه ، وإما قياس ، فإن أراد به التشبيه ، وهو تشبيه محسوس بمعقول فلا وجه للتشبيه ، وإن أراد به القياس فشروطه غير موجودة فيه ، ويمكن أن يقال : وجه التطابق بينهما هو جواز الحكم في كل منهما ، فكما تجوز قراءة الرجل في حجر الحائض فكذلك يجوز حمل الحائض المصحف بعلاقته ، وفي كل منهما دخل للحائض ، وفيه وجه التطابق ، ثم لو قيل ما قيل في ذلك فلا يخلو عن تعسف .
النوع الثاني : أن هذا الأثر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح ، فقال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير عن مغيرة : كان nindex.php?page=showalam&ids=16115أبو وائل فذكره .
النوع الثالث في معناه : فقوله : ( يرسل خادمه ) ، الخادم اسم لمن يخدم غيره ، ويطلق على الغلام والجارية ; فلذلك قال : وهي حائض ، فأنث الضمير .
قوله : ( بعلاقته ) بكسر العين ما يعلق به المصحف ، وكذلك علاقة السيف ونحو ذلك . nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبو وائل اسمه شقيق بن سلمة الأسدي ، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يره ، روى عن كثيرين من الصحابة . وقال يحيى بن معين : ثقة لا يسأل عن مثله ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : مات في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وأبو رزين بفتح الراء وكسر الزاي المعجمة ، اسمه مسعود بن مالك الأسدي ، مولى أبي وائل الكوفي التابعي ، روى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم والأربعة .
النوع الرابع في استنباط الحكم منه ، وهو جواز حمل الحائض المصحف بعلاقته ، وكذلك الجنب ، وممن أجاز ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبو وائل ، وأبو رزين ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : ورخص في حمله الحكم ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان وأهل الظاهر ومنع الحكم مسه بباطن الكف خاصة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وقراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى جائز كل ذلك بوضوء وبلا وضوء ، وللجنب والحائض ، وهو قول ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وداود وجميع أصحابنا ، وأما مس المصحف ، فإن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه ، فإنه لا يصح منها شيء لأنها إما مرسلة ، وإما صحيفة لا نستند به ، وإما عن ضعيف ، والصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن أبي سفيان حديث هرقل الذي فيه : و قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون فهذا النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث كتابا فيه قرآن للنصارى ، وقد أيقن أنهم يمسونه ، فإن ذكروا حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو . قلنا : هذا حق يلزم اتباعه ، وليس فيه لا يمس المصحف جنب ولا كافر ، وإنما فيه أن لا ينال أهل الحرب القرآن فقط ، فإن قالوا : إنما بعث إلى هرقل بآية واحدة . قيل لهم : ولم يمنع من غيرها ، وأنتم أهل قياس فقيسوا ، فإن لم تقيسوا على الآية ما هو أكثر منها فلا تقيسوا على هذه الآية غيرها ، فإن ذكروا قوله جل وعلا : لا يمسه إلا المطهرون قلنا : لا حجة فيه لأنه ليس أمرا ، وإنما هو خبر ، والرب تعالى لا يقول إلا حقا ، ولا يجوز أن يصرف لفظ الخبر إلى معنى الأمر إلا بنص جلي أو إجماع متيقن ، فلما رأينا المصحف يمسه الطاهر وغير الطاهر علمنا أنه لم يعن المصحف .
وإنما عنى كتابا آخر عنده كما جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير في هذه الآية : هم الملائكة الذين في السماء ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة إذا أراد أن يتخذ مصحفا أمر نصرانيا ، فينسخه له . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا بأس أن يحمل الجنب المصحف بعلاقته وغير المتوضئ عنده كذلك ، وأبى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلا إن كان في خرج أو تابوت ; فلا بأس أن يحمله [ ص: 261 ] الجنب واليهودي والنصراني قال أبو محمد: وهذه تفاريق لا دليل على صحتها . انتهى كلامه .
والجواب عما قاله فقوله : بأن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه إلخ ليس كذلك ; فإن أكثر الآثار في ذلك صحاح ; منها ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه بسند صحيح متصل عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : خرج عمر بن الخطاب متقلدا السيف ، فدخل على أخته وزوجها خباب وهم يقرؤون سورة طه ، فقال : أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرؤه ، فقالت له أخته : إنك رجس ، ولا يمسه إلا المطهرون ، فقم فاغتسل ، أو توضأ فقام وتوضأ ، ثم أخذ الكتاب بيده ، والعجب من nindex.php?page=showalam&ids=13332أبي عمر بن عبد البر إذ ذكره في سير nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق . وقال : هو معضل ، وتبعه على ذلك أبو الفتح القشيري ، وهذا أعجب منه . وقال السهيلي : هو من أحاديث السير . ومنها ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا بسند صحيح من حديث سالم يحدث عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=931528لا يمس القرآن إلا طاهر ، ولما ذكره الجوزقاني في كتابه قال : هذا حديث مشهور حسن . ومنها ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده nindex.php?page=hadith&LINKID=49197أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا فيه : لا يمس القرآن إلا طاهر ، ورواه في الغرائب من حديث إسحاق الطباع عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مسندا ، ومن الطريق الأولى ، خرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير ، nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب .
وقد وردت أحاديث كثيرة بمنع قراءة القرآن للجنب والحائض ، منها : حديث nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه ، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر : رويناه من وجوه صحاح . ومنها حديث nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة ، عن علي رضي الله تعالى عنه ، يرفعه : nindex.php?page=hadith&LINKID=912468لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة ، صححه جماعة منهم nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وأبو علي الطوسي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13890والبغوي في شرح السنة ، وفي سؤالات الميموني قال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : ليس أحد يحدث بحديث أجود من ذا ، وفي كامل ابن عدي عنه : لم يرو عمرو أحسن من هذا ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة يقول : هذا ثلث رأس مالي . وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12644ابن الجارود في المنتقى زاد nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : قد يتوهم غير المتبحر في الحديث أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها كان يذكر الله تعالى على أحيانه يعارض هذا ، وليس كذلك ; لأنها أرادت الذكر الذي هو غير القرآن ; إذ القرآن يجوز أن يسمى ذكرا وكان لا يقرأ وهو جنب ، ويقرؤه في سائر الأحوال . ومنها حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=30494لا يقرأ الحائض ولا الجنب ولا النفساء القرآن شيئا . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وقال : إسناده صحيح . ومنها حديث أبي موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=72780يا علي لا تقرأ القرآن وأنت جنب . وعن الأسود أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه بسند لا بأس به ، وإبراهيم : لا يقرأ الجنب ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبي وائل مثله بزيادة : والحائض .
والجواب عن الكتاب إلى هرقل فنحن نقول به لمصلحة الإبلاغ والإنذار ، وأنه لم يقصد به التلاوة .
وأما الجواب عن الآية بأن المراد بالمطهرين الملائكة كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ومجاهد بن جبير وغيرهم ، ونقله السهيلي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأكدوا هذا بقوله : ( المطهرين ) ، ولم يقل : المتطهرين إن تخصيص الملائكة من بين سائر المتطهرين على خلاف الأصل ، وكلهم مطهرون والمس والاطلاع عليه ، إنما هو لبعضهم دون الجميع .