الثالث : أشار به إلى أن المؤمنين منهم لهم الثواب ، والكافرين منهم عليهم العقاب .
قوله : " وإذ صرفنا " العامل في وإذ محذوف ، تقديره : واذكر حين صرفنا إليك ، ونذكر معنى صرفنا حين ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن قريب ، قال المفسرون : لما بين الله تعالى أن الإنس منهم من آمن ومنهم من كفر ، بين أن الجن أيضا منهم من آمن ومنهم من كفر ، وأن مؤمنهم معرض للثواب ، وأن كافرهم معرض للعقاب .
قوله : " نفرا " مفعول صرفنا ، والنفر دون العشرة ، وملاقاة هؤلاء الجن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف من الطائف راجعا إلى مكة حين يئس من خبر ثقيف ، حتى إذا كان بنخلة ، قام من جوف الليل يصلي ، فمر به نفر من جن أهل نصيبين ، وكان سبب ذلك أن الجن كانت تسترق السمع فلما [ ص: 187 ] حرست السماء ورجموا بالشهب ، قال إبليس : إن هذا الذي حدث في السماء لشيء حدث في الأرض ، فبعث سرايا ليعرف الخبر ، فكان أول بعث ركب من أهل نصيبين ، وهم أشراف الجن وساداتهم ، فبعثهم إلى تهامة فاندفعوا حتى بلغوا وادي نخلة ، فوجدوا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يصلي صلاة الغداة ، ويتلو القرآن ، فاجتمعوا إليه قالوا : أنصتوا ، يعني : اصغوا إلى قراءته . قوله : " فلما قضي " أي فلما فرغ - صلى الله عليه وسلم - من تلاوته ولوا ، أي رجعوا إلى قومهم منذرين ، أي محذرين عذاب الله إن لم يؤمنوا .
قوله : " قالوا يا قومنا " يعني : قالوا لهم إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ، ذهب بعضهم إلى أنهم كانوا يهود ، ولهذا قالوا من بعد موسى ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كانت الجن لم تسمع بأمر عيسى عليه الصلاة والسلام ، فلذلك قالوا من بعد موسى .
قوله : " مصدقا " صفة لقوله : " كتابا " يعني مصدقا لما بين يديه من الكتب . قوله : " يهدي إلى الحق " صفة للكتاب بعد صفة ، وكذلك قوله : " وإلى طريق مستقيم " . قوله : " قالوا " يعني قالوا لقومهم أجيبوا داعي الله ، أي النبي - صلى الله عليه وسلم .
قوله : " ويجركم من عذاب أليم " أي من عذاب النار ، وقالوا أيضا : ومن لا يجب داعي الله ، أي الرسول ، ولم يؤمن به . قوله : " فليس بمعجز في الأرض " أي لا ينجي منه مهرب ولا يسبق قضاءه سابق . قوله : " أولياء " أي أنصار يمنعونه منه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن هؤلاء الجن كانوا سبعة من جن نصيبين ، فجعلهم رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - رسلا إلى قومهم ، وقيل : كانوا تسعة ، وقيل : كانوا اثني عشر ألفا ، والسورة التي كان رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقرؤها سورة اقرأ باسم ربك ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد من أسماء هؤلاء الجن خمسة ، وهم سامر ، ومامر ، ومنسى ، وماسي ، والأحقب ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16967ابن سلام في تفسيره عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ومنهم عمرو بن جابر ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا زوبعة ، ومنهم سرق ، وفي تفسير nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد : كانوا من نينوى وأتوه بنخلة ، وقيل : بشعب الحجون .