وقول الله بالجر عطف على قوله " ذكر الجن ". قوله: " قل أوحي " يعني قل يا محمد أي: أخبر قومك ما ليس لهم به علم، ثم بين فقال: أوحي إلي أي: أخبرت بالوحي من الله أنه أي الأمر والشأن، وكلمة أن بالفتح مع اسمه وخبره في محل الرفع لأنه قام مقام [ ص: 309 ] فاعل أوحي استمع القرآن، فحذف لأن ما بعده يدل عليه، والاستماع طلب بالإصغاء إليه. قوله: " نفر من الجن " أي: جماعة منهم ذكروا في التفسير، وكانوا تسعة من جن نصيبين، وقيل: كانوا من جن الشيصبان وهم أكثر الجن عددا، وهم عامة جنود إبليس، وقيل: كانوا سبعة وكانوا من اليمن، وكانوا يهودا، وقيل: كانوا مشركين.
واعلم أن الأحاديث التي وردت في هذا الباب أعني فيما يتعلق بالجن تدل على أن وفادة الجن كانت ست مرات: الأولى: قيل فيها: اغتيل واستطير والتمس، الثانية: كانت بالحجون، الثالثة: كانت بأعلى مكة وانصاع في الجبال، الرابعة: كانت ببقيع الغرقد وفي هؤلاء الليالي حضر ابن مسعود وخط عليه، الخامسة: كانت خارج المدينة وحضرها nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام، السادسة: كانت في بعض أسفاره وحضرها بلال بن الحارث، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: لما آيس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خبر ثقيف انصرف عن الطائف راجعا إلى مكة حتى كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي، فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله فيما ذكر لي سبعة نفر من أهل جن نصيبين، فاستمعوا له، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، فقص الله خبرهم عليه فقال تعالى: وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن إلى قوله: أليم ثم قال تعالى: قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة، (فإن قلت): في الصحيحين أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - على الجن ولا رآهم... الحديث، (قلت): هذا النفي من nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إنما هو حيث استمعوا التلاوة في صلاة الفجر، ولم يرد به نفي الرؤية والتلاوة مطلقا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: معنى حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يقصدهم بالقراءة، فعلى هذا فلم يعلم رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - باستماعهم ولا كلمهم وإنما أعلمه الله تعالى بقوله: قل أوحي إلي أنه استمع ويقال: nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أعلم بقصة الجن من nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس فإنه حضرها وحفظها، nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس كان إذ ذاك طفلا رضيعا فقد قيل: إن قصة الجن كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي: كانت في سنة إحدى عشرة من النبوة، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس كان في حجة الوداع قد ناهز الاحتلام، وقيل: يجمع بين ما نفاه وما أثبته غيره بتعدد وفود الجن على النبي -صلى الله عليه وسلم-.