قوله : ولقد نصركم الله في معرض المنة حيث أعز الله الإسلام وأهله يوم بدر ورفع فيه الشرك وخرب محله ، هذا مع قلة العدد في المسلمين يومئذ وكثرة العدو في سوابغ الحديد والبيض والعدة الكاملة والخيول المسومة والخيلاء الزائدة ، فأعز الله رسوله وأظهر وحيه وتنزيله وبيض الله وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبيله ، وأخزى الشيطان وجيله ، ولهذا قال ممتنا على عباده المؤمنين وحزبه المفلحين المتقين : ولقد نصركم الله ببدر قال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : بدر بئر لرجل يسمى بدر بن الحارث بن مخلد بن النضر بن كنانة ، وقيل : سميت بدرا لاستدارتها كالبدر ، وقيل : لصفائها ورؤية البدر فيها ، وقال السهيلي : احتفرها رجل من بني غفار ، ثم من بني النجار ، واسمه بدر بن كلدة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : ذكرت هذا لعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح فأنكراه وقالا : لأي شيء سميت الصفراء ولأي شيء سمي الجار ؟ ! إنما هو اسم الموضع ، قال : وذكرت ذلك ليحيى بن النعمان الغفاري فقال : سمعت شيوخنا من غفار يقولون : هو ماؤنا ومنزلنا وما ملكه أحد قط اسمه بدر ، وما هو من بلاد جهينة ، إنما هو من بلاد غفار ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : هو المعروف عندنا ، وفي الإكليل : بدر موضع بأرض العرب يقال لها الأثيل بقرب ينبع والصفراء والجار والجحفة ، وهو موسم من مواسم العرب ومجمع من مجامعهم في الجاهلية ، وبها قليب وآبار ومياه تستعذب ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : كان بدر متجرا يؤتى في كل عام ، وقال البكري : هي على مائة وعشرين فرسخا من المدينة ، ومنها إلى الجار ستة عشر ميلا ، وبه عينان جاريتان عليهما الموز والنخل والعنب .
قوله : وأنتم أذلة جمع ذليل ، وهو جمع قلة ، وجمع الكثرة ذلال ، وجاء بجمع القلة ليدل على أنهم على ذلتهم كانوا قليلا ، وذلتهم ما كان بهم من ضعف الحال وقلة السلاح والمال والمركوب ، وعدوهم كثيرون مع شكة وشوكة ، وسنبين ذلك عن قريب . قوله : فاتقوا الله أي : مخالفة أمره وعقابه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فاتقوا الله في الثبات مع رسوله لعلكم تشكرون بتقواكم ما أنعم به عليكم ، ولعلكم ينعم الله عليكم نعمة أخرى تشكرونها ، فوضع الشكر موضع الإنعام لأنه سبب [ ص: 77 ] له . قوله : إذ تقول ظرف لقوله نصركم أو بدل ثان من إذ تقول وقال ابن كثير : اختلف المفسرون في هذا ، هل كان يوم بدر أو يوم أحد ، على قولين : أحدهما : أن قوله : إذ تقول يتعلق بقوله : ولقد نصركم الله ببدر روي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وعامر الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس وغيرهم ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، والثاني : أنه يتعلق بقوله : وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال وذلك يوم أحد ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة وغيرهم ، لكن قالوا : لم يحصل الإمداد بخمسة آلاف ; لأن المسلمين فروا يومئذ ، زاد nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : ولا بثلاثة آلاف . قوله : ألن يكفيكم قال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13941موسى بن إسماعيل ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17287وهيب ، عن داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر يعني الشعبي : أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمد المشركين ، فشق عليهم ، فأنزل الله : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منـزلين إلى قوله : مسومين قال فبلغت كرز الهزيمة فلم يمد المشركين ولم يمد الله المسلمين بالخمسة آلاف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس : أمد الله المسلمين بألف ، ثم صاروا ثلاثة آلاف ، ثم صاروا خمسة آلاف .
فإن قلت : ما الجمع بين هذه الآية على هذا القول وبين قوله في قضية بدر : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ؟ قلت : التنصيص على الألف هاهنا لا ينافي الثلاثة آلاف فما فوقها ، فمعنى مردفين يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم ، والكفاية مقدار سد الخلة ، والاكتفاء الاقتصار على ذلك ، والإمداد إعطاء الشيء بعد الشيء ، قال المفضل : كل ما كان على جهة القوة والإعانة قيل فيه أمده ، وكل ما كان على جهة الزيادة قيل فيه مده ، ومنه قوله تعالى : والبحر يمده وقال بعضهم : المد في الشر والإمداد في الخير ، بدليل قوله : ويمدهم في طغيانهم يعمهون ونمد له من العذاب مدا وقال في الخير : أني ممدكم بألف
قوله : بلى تصديق لما وعده بالإمداد والكفاية ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بلى إيجاب لما بعد لن ، يعني بلى يكفيكم الإمداد بهم فأوجب الكفاية . قوله : إن تصبروا أي : على لقاء العدو وتتقوا معصية الله ومخالفة نبيه . قوله : ويأتوكم من فورهم هذا يعني المشركين من فورهم هذا ، يعني من ساعتهم هذه ، قيل : يوم فورهم يوم بدر ، وقيل : يوم أحد ، وقيل : يوم فورهم يوم غضبهم ، ثبت هذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15086الكشميهني ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وروي عن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة والربيع nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، أي : من وجههم ، هذا وأصل الفور غليان القدر ، ثم قيل للغضبان فائر . قوله : يمددكم جزاء إن . قوله : مسومين أي : معلمين بالسيماء ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق السبيعي : عن حارثة عن مضرب عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : كان سيماء الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض ، وكان سيماؤهم أيضا في نواصي خيولهم ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مسومين قال بالعهن الأحمر ، وقال مكحول : مسومين بالعمائم ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من حديث عبد القدوس بن حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله مسومين قال معلمين ، وكانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم سود ، ويوم أحد عمائم حمر ، وروى من حديث حصين بن مخارق عن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم عن مقسم عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم : حدثنا الأحمسي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن يحيى بن عباد ، أن nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير - رضي الله تعالى عنه - كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها ، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن مقسم عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم ، ويوم حنين عمائم حمر ، ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر ، وكانوا يكونون عددا ومددا لا يضربون ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة : كانت الملائكة يومئذ على خيل بلق وعمائمهم صفر ، وقال أبو إسحاق : عمائمهم بيض ، وقال الحسن : عملوا على أذناب خيلهم ونواصيهم بصوف أبيض .