هذه الآيات كلها في سورة آل عمران ، وكلها تتعلق بوقعة أحد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : أنزل الله في شأن أحد ستين آية من آل عمران . وروى nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=83المسور بن مخرمة قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف : أخبرني عن قصتكم يوم أحد . قال : اقرأ العشرين ومائة من آل عمران تجدها : وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ... إلى قوله : أمنة نعاسا .
قوله " وقول الله عز وجل " بالجر عطفا على قوله " غزوة أحد " .
قوله " وإذ غدوت " ، تقديره اذكر يا محمد حين غدوت ، أي خرجت أول النهار من حجرة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها ، واختلف في هذا اليوم الذي عنى الله به ; فعند الجمهور المراد به يوم أحد - قاله nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وغير واحد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري المراد بذلك يوم الأحزاب - رواه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، وهو غريب لا يعول عليه ، وقيل يوم بدر ، وهو أيضا لا يعول عليه ، وكانت وقعة أحد يوم السبت من شوال سنة ثلاث من الهجرة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : يوم السبت النصف من شوال . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وكانت إقامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قدومه من غزوة الفرع من نجران جمادى الآخرة ورجبا وشعبان وشهر رمضان، وغزوة قريش وغزوة أحد في شوال سنة ثلاث . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13898البلاذري : لتسع خلون من شوال . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : كانت الوقعة أول النهار ، وهي التي أنزل الله فيها : وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال الآيات .
قوله " تبوئ المؤمنين " أي تنزلهم مقاعد ، أي منازل ، وتجعلهم ميمنة وميسرة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : مقاعد أي مواطن ومواقف ، وقرئ " مقاعدا " بالتنوين .
قوله " للقتال " أي لأجل القتال مع المشركين من قريش وغيرهم ، وكانوا قريبا من ثلاثة آلاف ، ونزلوا قريبا من أحد تلقاء المدينة ، وكان قائدهم أبا سفيان ومعه زوجته هند بنت عتبة بن ربيعة ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد على ميمنة خيلهم nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل على ميسرتهم . وقال ابن سعد : وجعلوا على الخيل nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية ، وقيل nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ، وعلى الرماة عبد الله بن أبي ربيعة ، وكانوا مائة ، وفيهم سبعمائة ذراع ، والظعن خمسة عشر . وقال ابن هشام : لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون يوم أحد استعمل على المدينة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم على الصلاة بالناس . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : كانوا ألف رجل ، فلما نزل - صلى الله عليه وسلم - بأحد رجع عنه عبد الله بن أبي بن سلول في ثلاثمائة ، فبقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعمائة . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هذا هو المشهور عند أهل المغازي . قال : والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنهم بقوا في أربعمائة مقاتل ، ولم يكن معهم فرس واحد ، وكان مع المشركين مائة فرس . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : وكان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسان ; فرس له صلى الله عليه وسلم - وفرس لأبي بردة ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف وهم خمسون رجلا ، وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال - ثم جرى ما ذكره أهل السير .
قوله " وقوله جل ذكره " بالجر أيضا عطفا على " قول الله عز وجل " .
قوله " ولا تهنوا " ; أي [ ص: 140 ] لا تضعفوا بسبب ما جرى ، وهذا تسلية من الله لرسوله وللمؤمنين عما أصابهم يوم أحد ، وأصل لا تهنوا لا توهنوا ; حذفت الواو طردا للباب لأنها حذفت في يهن - أصله يوهن - لوقوع الواو بين الياء والكسرة ، والوهن الضعف ، يقال وهن يهن بالكسر في المضارع ، ويستعمل وهن لازما ومتعديا ، قال تعالى : وهن العظم مني وفي الحديث : وهنتهم حمى يثرب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : يقال وهنه الله وأوهنه - زاد غيره : ووهنه .
قوله " ولا تحزنوا " ; أي على ظهور أعدائكم وما فاتكم من الغنيمة ، وكان قد قتل يومئذ خمسة من المهاجرين ; وهم حمزة nindex.php?page=showalam&ids=104ومصعب بن عمير صاحب راية النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن جحش ابن عمة النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - وعثمان بن شماس وسعد مولى ابن عتبة ، ومن الأنصار سبعون رجلا .
قوله " وأنتم الأعلون " ، وهو جمع أعلى ; أي بالحجة في الدنيا والآخرة ، ولكم الغلبة فيما بعد .
قوله " إن كنتم مؤمنين " ; أي إذا كنتم ، وقيل : إذا دمتم على الإيمان في المستقبل .
قوله " إن يمسسكم قرح " الآية ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15880راشد بن سعد : انصرف النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - يوم أحد كئيبا ، وجعلت المرأة تجيء بابنها وأبيها وزوجها مقتولين ، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : أهكذا تفعل برسولك ! فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ويقال أقبل علي رضي الله تعالى عنه يومئذ وفيه نيف وستون جراحة من طعنة وضربة ورمية ، فجعل -صلى الله تعالى عليه وسلم - يمسحها بيده وهي تلتئم بإذن الله كأن لم تكن .
قوله " إن يمسسكم " من المس وهو الإصابة ، والقرح بالفتح الجراح واحدتها قرحة ، وبالضم اسم الجراح ، وبفتح الراء مصدر قرح يقرح . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : القرح بالفتح والضم واحد ; أي الجراح . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هو بالفتح مصدر قرحته ، فهو نفس الجراح ، وبالضم الألم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء بضم القاف والراء على الإتباع ، والمعنى - والله أعلم - لا تحزنوا أن أصابكم جرح يوم أحد ، فقد أصاب المشركين مثله يوم بدر ، ومع هذا إن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار .
قوله " وتلك الأيام " ، تلك مبتدأ والأيام خبره ، ونداولها في موضع الحال ، والعامل فيها معنى الإشارة ، ويجوز أن يكون الأيام بدلا أو عطف بيان ونداولها الخبر ، والمعنى : لا تهنوا ، فالحرب سجال ، وأنا أداول الأيام بين الناس ; فأديل الكافر من المؤمن تغليظا للمحنة والابتلاء ، ولو كانت الغلبة للمؤمنين لصاروا كالمضطرين ، ويقال نديل عليكم الأعداء تارة وإن كانت العاقبة لكم لما لنا في ذلك من الحكم ، ولهذا قال : وليعلم الله الذين آمنوا قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في مثل هذا : لنرى من يصبر على مناجزة الأعداء .
قوله " ويتخذ منكم " ; أي وليتخذ منكم شهداء ، يعني نكرم ناسا منكم بالشهادة ، يعني المستشهدين يوم أحد ، وليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : كان المسلمون يقولون ربنا أرنا يوما كيوم بدر نلتمس فيه الشهادة ! فاتخذ الله منهم شهداء يوم أحد .
قوله " وليمحص الله الذين آمنوا " معطوف على قوله " وليعلم الله " ، والتمحيص التطهير والتصفية ، وقيل التمحيص الابتلاء والاختبار ، والمعنى : ليكفر الله عن المؤمنين ذنوبهم إن كانت لهم ذنوب وليرفع لهم درجات بحسب ما أصيبوا به .
قوله " ويمحق الكافرين " ; أي يهلكهم ، وقيل ينقصهم ويقللهم ، يقال محق الله الشيء وامتحق وانمحق .
قوله " أم حسبتم " ، كلمة " أم " منقطعة ، ومعنى الهمزة فيها الإنكار ، والمعنى : أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا بالقتال والشدائد كما دخل الذين قتلوا وثبتوا على ألم الجراح .
قوله " ولما يعلم الله " ، كلمة " لما " بمعنى لم ، إلا أن فيه ضربا من التوقع ، فدل على نفي الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل .
قوله " ويعلم الصابرين " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : الواو هنا بمعنى حتى ; أي حتى يعلم صبرهم ، وقرأ الحسن بكسر الميم عطفا على الأول ، ومنهم من قرأ بالضم على تقدير وهو يعلم ، وحاصل المعنى : لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تبتلوا ويرى الله منكم المجاهدين في سبيله والصابرين على مقارعة الأعداء .
قوله " ولقد كنتم تمنون الموت " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لما أخبر الله تعالى على لسان نبيه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ما فعل بشهدائهم يوم بدر من الكرامة رغبوا في ذلك ، فأراهم يوم أحد ، فلم يلبثوا أن انهزموا ، فنزلت هذه الآية ; أي " ولقد كنتم تمنون الموت " أي القتال " من قبل أن تلقوه " يوم أحد " فقد رأيتموه " يومئذ " وأنتم تنظرون " يعني الموت في لمعان السيوف وحد الأسنة واشتباك الرماح وصفوف الرجال للقتال ، فكيف انهزمتم ؟
فإن قلت : كيف جاز تمني الشهادة وفيه غلبة الكفار على المسلمين ؟ قلت : لأن غرض المتمني ليس إلا [ ص: 141 ] حصول الشهادة مع قطع النظر عن غلبة الكفار وإن كان متضمنا لها .
قوله " ولقد صدقكم الله وعده " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من أحد إلى المدينة قال قوم منهم : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر ؟ ! فنزلت هذه الآية ، قال المفسرون : وعدهم الله النصر بأحد ، فلما طلبوا الغنيمة هزموا .
قوله " إذ تحسونهم بإذنه " ; أي حين تقتلونهم قتلا ذريعا بإذنه ، أي بأمره وتيسيره ، ويقال سنة حسوس إذا أتت على كل شيء ، وجراد محسوس إذا قتله البرد .
قوله " حتى إذا فشلتم " ; أي جبنتم وضعفتم ، يقال فشل الرجل يفشل فهو فشيل ، وفيه تقديم وتأخير - أي حتى إذا تنازعتم وعصيتم فشلتم ، وقيل حتى بمعنى إلى ، وحينئذ لا جواب ; أي صدقكم الله وعده إلى أن فشلتم وتنازعتم أي اختلفتم ، وكان ذلك في أول الأمر لما انهزم المشركون ، قال بعض الرماة الذين كانوا عند المركز : ما مقامنا هنا ! قد انهزم القوم . وقال بعضهم : لا تجاوزوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فثبت nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير أمير الرماة في نفر يسير دون العشرة وانطلق الباقون ينتهبون ، فلما نظر nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل ذلك حملوا على الرماة فقتلوا عبد الله وأصحابه وأقبلوا على المسلمين .
قوله " ثم صرفكم عنهم " ; أي ردكم عن المشركين بهزيمتكم وردهم عليكم ليختبركم ويمتحنكم .
قوله " ولقد عفا عنكم " ; أي عن ذنبكم بعصيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والانهزام ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : ولقد عفا عنكم بأن لم يستأصلكم - وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق رواه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير .