صفحة جزء
3876 138 - حدثني عمرو بن علي ، حدثنا أبو عاصم ، أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان ، أخبرنا سعيد بن ميناء قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : لما حفر الخندق رأيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خمصا شديدا ، فانكفأت إلى امرأتي فقلت : هل عندك شيء ؟ فإني رأيت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمصا شديدا ! فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ، ولنا بهيمة داجن فذبحتها ، وطحنت الشعير ففرغت إلى فراغي وقطعتها في برمتها ، ثم وليت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : لا تفضحني برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبمن معه ! فجئته فساررته فقلت : يا رسول الله ، ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا ، فتعال أنت ونفر معك ! فصاح النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا أهل الخندق ، إن جابرا قد صنع سورا ، فحي هلا بكم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء ! فجئت ، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدم الناس ، حتى جئت امرأتي فقالت بك وبك ! فقلت : قد فعلت الذي قلت ! فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك ، ثم قال : ادع خابزة فلتخبز معك ، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها ! وهم ألف ، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا ، وإن برمتنا لتغط كما هي ، وإن عجيننا ليخبز كما هو !


هذا طريق آخر في حديث جابر المذكور ، أخرجه عن عمرو بن علي بن بحر البصري الصيرفي عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد وهو شيخ البخاري أيضا ، روى عنه هنا بالواسطة . وسعيد بن ميناء - بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وبالنون مقصورا وممدودا .

والحديث مضى في الجهاد مختصرا بعين هذا الإسناد في باب من تكلم بالفارسية والرطانة .

قوله " خمصا " بفتح الخاء المعجمة وفتح الميم وقد تسكن وبالصاد المهملة ، وهو الجوع .

قوله " فانكفأت " ; أي انقلبت ، وأصله بالهمزة ، وفي بعض النسخ " فانكفيت " بدون الهمزة .

قوله " بهيمة " بضم الباء الموحدة تصغير بهمة ، وهي الصغيرة من أولاد الغنم .

قوله " داجن " بكسر الجيم ، وهو من أولاد الغنم يربى في البيوت ولا يخرج إلى المرعى ، واشتقاقه من الدجن وهو الإقامة بالمكان ، ولم تدخل التاء فيه لأنه صار اسما للشاة .

قوله " وطحنت " ; أي امرأة جابر .

قوله " ففرغت إلى فراغي " ; أي فرغت امرأتي من طحن الشعير مع فراغي من ذبح البهيمة ، والفراغ بفتح الفاء مصدر ، فرغت من الشغل فروغا وفراغا .

قوله " ثم وليت " ; أي رجعت .

قوله " فقالت " ; أي عقيب رجوعي إلى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قالت امرأتي " لا تفضحني " .

قوله " فساررته " ; أي قلت له سرا .

قوله " فتعال " بفتح اللام ، أمر من تعالى يتعالى تعاليا ، وهو الارتفاع .

قوله " سورا " بضم السين المهملة وسكون الواو بغير همز ، ومعناه الصنيع بالحبشية ، وقيل معناه العرس بالفارسية ، ويطلق أيضا على البناء الذي يحيط بالمدينة ، وأما السؤر بالهمزة وهو البقية ، والذي يحفظ أنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - مما تكلم به من الأعجمية هذه اللفظة وقوله للحسن رضي الله تعالى عنه " كخ " ولعبد الرحمن " مهيم " أي ما هذا ، ولأم خالد " سنا سنا " يعني حسنه . وذكر ابن فارس أن معنى " مهيم " ما حالك وما شأنك ، ولم يذكر أنها أعجمية ، وقال الهروي : إنها كلمة يمانية .

قوله " فحي هلا بكم " ، هي كلمة استدعاء فيها حث ; أي هلموا مسرعين ، ومنه حي على الصلاة بمعنى هلموا ، وفيها لغات ; يقال حيهل بفلان وحيهلا بزيادة الألف وحيهلا [ ص: 182 ] بالتنوين للتنكير وحيهلا بتخفيف الياء ، وروي حيهل بالتشديد وسكون الهاء .

قوله " يقدم الناس " بضم الدال .

قوله " فقالت بك وبك " ، الباء فيه تتعلق بمحذوف تقديره فعل الله بك كذا وكذا حيث أتيت بناس كثير والطعام قليل ، وذلك موجب للخجلة .

قوله " فبصق " ، وجاء فيه " بزق ، وبسق " بالسين والزاي .

قوله " ثم عمد " بكسر الميم ; أي قصد .

قوله " وبارك " ; أي دعا بالبركة .

قوله " واقدحي " ; أي اغرفي ، يقال قدح القدر إذا غرف ما فيها ، والقدحة الغرفة .

قوله " وهم ألف " ; أي والحال أن القوم ألف ، وفي رواية أبي نعيم في المستخرج أنهم كانوا سبعمائة أو ثمانمائة ، والحكم للزائد لزيادة عمله .

قوله " وانحرفوا " ; أي مالوا عن الطعام .

قوله " لتغط " بكسر الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة ; أي تغلي وتفور من الامتلاء فيسمع غطيطها ، وهو من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية