صفحة جزء
( العرم : السد ، ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهدمه وحفر الوادي ، فارتفعتا عن الجنتين وغاب عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الأحمر من السد ، ولكن كان عذابا أرسله الله عليهم من حيث شاء ، وقال عمرو بن شرحبيل : العرم المسناة ، بلحن أهل اليمن ، وقال غيره : العرم الوادي ) .


أشار به إلى قوله تعالى : فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم الآية ، وفسر العرم بقوله : السد ، إلى آخره صاحب ( التلويح ) هل وجدناه منقولا عن مجاهد ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا حجاج بن حمزة أخبرنا شبابة ، أخبرنا ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، فذكره ، فلا أدري أهو من قول البخاري ؟ أو هو معطوف على ما علقه عن مجاهد قبل ؟ والله أعلم .

وبين السهيلي أنه من كلام البخاري لا من كلام غيره ، قلت : رواية ابن أبي حاتم توضح أنه من قول مجاهد ; لأن البخاري مسبوق به ، فافهم ، والله أعلم .

والسد بضم السين وتشديد الدال كذا هو في رواية الأكثرين ، وفي رواية أبي ذر عن الحموي الشديد بالشين المعجمة على وزن عظيم .

قوله : " فشقه " من الشق بالشين المعجمة والقاف هكذا في رواية الأكثرين ، وذكر عياض أن في رواية أبي ذر " فبثقه " بفتح الباء الموحدة والتاء المثلثة قال : وهو الوجه ، تقول : بثقت النهر إذا كسرته لتصرفه عن مجراه ، قوله : " فارتفعتا عن الجنتين " كان القياس أن يقال : ارتفعت الجنتان عن الماء ، ولكن المراد من الارتفاع الانتفاء والزوال ، يعني ارتفع اسم الجنة عنهما ، فتقديره : ارتفعت الجنتان عن كونهما جنة ، وقال الزمخشري : وتسمية البدل جنتين على سبيل المشاكلة ، هذا كله في رواية أبي ذر عن الحموي ، وفي رواية الأكثرين : فارتفعت على الجنتين ، بفتح الجيم والنون والباء الموحدة والتاء المثناة من فوق والياء آخر الحروف ثم النون ، قوله : " ولم يكن الماء الأحمر من السد " بضم السين المهملة وتشديد الدال ، كذا في رواية الأكثرين ، وفي رواية المستملي : من السيل ، وعند الإسماعيلي : من السيول ، قوله : " وقال عمرو بن شرحبيل " بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وباللام ، الهمداني ، الكوفي ، يكنى أبا ميسرة ، قوله : " المسناة " بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد النون ، كذا هو مضبوط في أكثر الروايات ، وكذا هو في أكثر كتب أهل اللغة ، وضبط في رواية الأصيلي بفتح الميم وسكون السين وتخفيف النون .

وقال ابن التين : معنى المسناة : ما يبنى في عرض الوادي ليرتفع السيل ويفيض على الأرض ، قال : إنها عند أهل العراق كالزريبة تبنى على سيف البحر ليمنع الماء .

قوله : " بلحن أهل اليمن " أي بلغة أهل اليمن ، وهذا أسنده عبد بن حميد ، عن يحيى بن عبد الحميد ، عن شريك ، عن أبي إسحاق عنه ، وقال : بلسان اليمن ، بدل بلحن .

قوله : " وقال غيره " أي غير عمرو بن شرحبيل ، العرم الوادي ، وهو قول عطاء ، وقيل : هو اسم الجرذ الذي أرسل إليهم وخرب السد ، وقيل : هو الماء ، وقيل : المطر الكثير ، وقيل : إنه صفة السيل من العرامة وهو ذهابه كل مذهب ، وقال أبو حاتم : هو جمع لا واحد له من لفظه ، وفي كتاب ( مفايض الجواهر ) قال ابن شربة في زمن إياس بن رحبعم بن سليمان بن داود - عليهما السلام - بعث الله رجلا من الأزد يقال له : عمرو بن الحجر ، وآخر يقال له : حنظلة بن صفوان ، وفي زمنه كان خراب السد ، وذلك أن الرسل دعت أهله إلى الله ، فقالوا : ما نعرف لله علينا من نعمة فإن كنتم صادقين فادعوا الله علينا وعلى سدنا ، فدعوا عليهم ، فأرسل الله عليهم مطرا جردا أحمر كأن فيه النار أمامه فارس ، فلما خالط الفارس السد انهدم ، ودفن بيوتهم الرمل ، وفرقوا ومزقوا حتى صاروا مثلا عند العرب فقالت : تفرقوا أيدي سبأ ، وأيادي سبأ .

التالي السابق


الخدمات العلمية