أي : هذا باب في بيان تحريم تجارة الخمر ، ولا بد فيه من تقدير مضاف لأن المراد بيان ذلك وتبين أحكامه ، وليس المراد بأن تحريمها مختص بالمسجد لأنها حرام سواء كانت في المسجد أو في غيره ، وقوله ( في المسجد ) يتعلق بالتحريم لا بالتجارة ، وقال صاحب ( التوضيح ) أخذ من كلام nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ، وغرض nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا في هذا الباب - والله أعلم - أن المسجد لما كان للصلاة ولذكر الله تعالى منزها من الفواحش والخمر ، والربا من أكبر الفواحش يمنع من ذلك ، فلما ذكر الشارع تحريمها في المسجد ذكر أنه لا بأس بذكر المحرمات ، والأقذار في المسجد على وجه النهي عنها والمنع منها ، انتهى ، وأخذ بعضهم من كلامه فقال : باب تحريم تجارة الخمر في المسجد أي : جواز ذكر ذلك .
قلت : كل هذا خارج عن المهيع أو تصرفات بغير تأمل لأنه لا فائدة في بيان جواز ذكر ذلك في المسجد إذ هو مبين من الخارج ، وليس غرض nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذلك ، وإنما غرضه بيان أن تحريم تجارة الخمر وقع في المسجد ؛ لأن ظاهر حديث الباب مصرح بذلك ؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : لما نزلت الآيات من سورة البقرة في الربا خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد . . . إلى آخره ، فهذا ظاهره أن تحريم تجارة الخمر بعد نزول آيات الربا ، ( فإن قلت ) : كان تحريم الخمر قبل نزول آيات الربا بمدة طويلة كما صرحوا به ، فلما حرمت الخمر حرمت التجارة فيها أيضا قطعا ، فما الفائدة في ذكر تحريم تجارتها ههنا .
قلت : يحتمل كون تحريم التجارة فيها قد تأخرت عن وقت تحريم عينها ، ويحتمل أن يكون ذكره ههنا تأكيدا ومبالغة في إشاعة ذلك أو يكون قد حضر المجلس من لم يبلغه تحريم التجارة فيها قبل ذلك فأعاد صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك للإعلام لهم ، وكان ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، وهذا أيضا هو موقع الترجمة ، وليس ذلك مثل ما قال بعضهم ، وموقع الترجمة أن المسجد منزه عن الفواحش قولا وفعلا ، لكن يجوز ذكرها فيه للتحذير منها ، انتهى . قلت : إذا كان ذكر الفواحش جائزا في المسجد لأجل التحذير ، فما وجه تخصيص ذكر فاحشة تحريم الخمر في المسجد ، وجواب هذا يلزم هذا القائل ، فعلى ما ذكرنا لا يرد سؤال فلا يحتاج إلى جواب .