صفحة جزء
4748 [ ص: 50 ] 55 - حدثني موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم ، قال : وقال ابن عباس : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم .


مطابقته للترجمة من حيث إن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قرأ المحكم من القرآن وعمره عشر سنين ، ويطلق عليه الغلام كما ذكرناه عن قريب .

وأخرجه عن موسى بن إسماعيل المنقري الذي يقال له التبوذكي ، عن أبي عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي ، عن أبي بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري الواسطي إلى آخره .

والحديث أخرجه البخاري أيضا عن يعقوب بن إبراهيم ، عن هشيم .

قوله : " قرأ المحكم " وهو الذي لا نسخ فيه ، ويطلق المحكم على ضد المتشابه في اصطلاح أهل الأصول ، وهذا سعيد بن جبير فسر المفصل بالمحكم ، وغيره فسره بأنه من الحجرات إلى آخر القرآن على الصحيح ، وسمي بالمفصل للسور التي كثرت فصولها فيه ، قوله : " وأنا ابن عشر سنين " وقد اختلف فيه ، ففي رواية البخاري في الصلاة من وجه آخر أنه كان في حجة الوداع قد ناهز الاحتلام ، وفي رواية أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير عنه : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ختين ، وكانوا لا يختنون الغلام حتى يدرك ، وفي لفظ : " وأنا ابن خمس عشرة سنة " وقال ابن حبان : وهو ابن أربع عشرة سنة ، وقال عمرو بن علي : الصحيح عندنا أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد استوفى ثلاث عشرة ، ودخل في أربع عشرة ، وقد استشكل عياض قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين " ، وقال الإسماعيلي : هذا يخالف الذي مضى في الصلاة ، وبالغ الداودي في هذا فقال : حديث أبي بشر الذي في هذا الباب وهم ، وأجاب عياض بأنه يحتمل أن يكون قوله : " وأنا ابن عشر سنين " راجعا إلى حفظ القرآن لا إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكون تقدير الكلام توفي النبي صلى الله عليه وسلم وقد جمعت المحكم وأنا ابن عشر سنين ، ففيه تقديم وتأخير ، انتهى ، قلت : الجملتان أعني قوله : " وأنا ابن عشر سنين " وقوله : " وقد قرأت المحكم " وقعتا حالين ، والحال قيد فكيف يقال فيه تقديم وتأخير ، وقال بعضهم : ويمكن الجمع بين مختلف الروايات بأن يكون ناهز الاحتلام لما قارب ثلاث عشرة ثم بلغ لما استكملها ودخل في التي بعدها ، وإطلاق خمس عشرة بالنظر إلى جبر الكسر ، وإطلاق العشر بالنظر إلى إلغاء الكسر انتهى ، قلت : لا كسر هنا حتى يجبر أو يلغى ; لأن الكسر على نوعين أصم وهو الذي لا يمكن أن ينطق به إلا بالجزئية كجزء من أحد عشر وجزء من تسعة وعشرين ، ومنطق وهو على أربعة أقسام مفرد وهو من النصف إلى العشر وهي الكسور التسعة ، ومكرر كثلاثة أسباع وثمانية أتساع ، ومركب وهو الذي يذكر بالواو العاطفة كنصف وثلث وكربع وتسع ، ومضاف كنصف عشر وثلث سبع وثمن تسع .

وقد يتركب من المنطق والأصم كنصف جزء من أحد عشر ، والظاهر أنه الصواب مع الداودي ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية