إني لأمنحك الصدود وإنني قسما إليك مع الصدود لأميل
وقال : قولها " ما أهجر إلا اسمك " يدل على أن الاسم من المخلوقين غير المسمى ، ولو كان عين المسمى وهجرت اسمه لهجرته بعينه ، ويدل على ذلك أن من قال أكلت اسم العسل لا يفهم منه أنه أكل العسل ، وإذا قلت لقيت اسم زيد لا يدل على أنه لقي زيدا ، وإنما الاسم هو المسمى في الله عز وجل وحده لا فيما سواه من المخلوقين لمباينته عز وجل وأسمائه وصفاته حكم أسماء المخلوقين وصفاتهم ، انتهى . والتحقيق في هذه المسألة أن قولهم " الاسم هو المسمى " على معان ثلاثة ; الأول : ما يجري مجرى المجاز . والثاني : ما يجري مجرى الحقيقة . والثالث : ما يجري مجرى المعنى . فالأول نحو قولك " رأيت جملا " يتصور من هذا الاسم في نفس السامع ما يتصور من المسمى الواقع تحته لو شاهده ، فلما ناب الاسم من هذا الوجه مناب المسمى في التصور وكان التصور في كل واحد منهما شيئا واحدا صح أن يقال إن الاسم هو المسمى على ضرب من التأويل ، وإن كنا لا نشك في أن العبارة غير المعبر عنه . والثاني أكثر ما يتبين في الأسماء التي تشتق للمسمى من معان موجودة فيه قائمة به ، كقولنا لمن وجدت منه الحياة حي ولمن وجدت منه الحركة متحرك ، فالاسم في هذا النوع لازم للمسمى يرتفع بارتفاعه ويوجد بوجوده . الثالث : العرب تذهب بالاسم إلى المعنى الواقع تحت التسمية ، فيقولون هذا مسمى زيد أي اسم هذا المسمى بهذه اللفظة التي هي الزاي والياء والدال ، ويقولون في المعنى هذا اسم زيد فيجعلون الاسم والمسمى في هذا الباب مترادفين على المعنى الواقع تحت التسمية كما جعلوا الاسم والتسمية مترادفين على العبارة . المهلب