لما وضع الترجمة بقوله " من قال لامرأته أنت علي حرام " ولم يذكر الجواب فيها أشار بقوله " وقال أهل العلم . . . " إلخ - إلى أن تحريم الحلال ليس على إطلاقه ، فإن من طلق امرأته ثلاثا تحرم عليه ، وهو معنى قوله " فقد حرمت عليه ، فسموه - أي فسماه العلماء - حراما بالطلاق " ; أي بقول الرجل طلقت امرأتي ثلاثا .
قوله ( والفراق ) ; أي وبقوله فارقتك ، ومن حرم عليه أكل الطعام لا يحرم عليه ، وهو معنى قوله " وليس هذا - أي الحكم المذكور في الطلاق ثلاثا - كالذي يحرم الطعام " ; أي كحكم الذي يقول هذا الطعام علي حرام لا آكله ، فإنه لا يحرم ، وأشار إلى الفرق بينهما بقوله " لا يقال لطعام الحل - أي الحلال - حرام ويقال للمطلقة ثلاثا حرام " ، والدليل عليه قوله تعالى : فإن طلقها - أي الثالثة - فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره . وقال المهلب : من نعم الله تعالى على هذه الأمة فيما خفف عنهم أن من قبلهم كانوا إذا حرموا على أنفسهم شيئا حرم عليهم ، كما وقع ليعقوب عليه الصلاة والسلام ، فخفف الله ذلك عن هذه الأمة ونهاهم عن أن يحرموا على أنفسهم شيئا مما أحل لهم ، فقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم انتهى ، وحاصل الكلام أن بين المسألتين فرقا وأن تحريم المباح يمين وأن فيه ردا على من لم يفرق بين قوله لامرأته أنت علي حرام وبين قوله هذا الطعام علي حرام ; حيث لا يلزمه شيء فيهما كما ذكرنا عن قريب من قال ذلك وذكرنا أقوال العلماء فيه .