مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله: (إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر)، فإن قلت: المذكور في الترجمة ركعة، وفي الحديث سجدة، والترجمة في الإدراك من العصر، والحديث في العصر والصبح، فلا تطابق. قلت: المراد من السجدة الركعة على ما يجيء إن شاء الله تعالى، وترك الصبح فيها من باب الاكتفاء.
(ذكر رجاله) وهم خمسة: nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم الفضل بن دكين، وشيبان بن عبد الرحمن التميمي، nindex.php?page=showalam&ids=17298ويحيى بن أبي كثير، nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.
(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول، وفيه أن رواته ما بين كوفي وبصري ومدني.
ذكر معناه، قوله (إذا أدرك): كلمة إذا تتضمن معنى الشرط، فلذلك دخلت الفاء في جوابها، وهو قوله: (فليتم صلاته). قوله: (سجدة)؛ أي: ركعة؛ يدل عليه الرواية الأخرى nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري: من أدرك من الصبح ركعة، وكذلك فسرها في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، حدثني أبو الطاهر وحرملة، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، والسياق لحرملة، قال: أخبرني يونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب أن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير حدثه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=657965من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس أو من الصبح قبل أن تطلع فقد أدركها، والسجدة إنما هي الركعة، وفسرها حرملة، وكذا فسر في (الأم) أنه يعبر بكل واحد منهما عن الآخر، وأيا ما كان فالمراد بعض الصلاة وإدراك شيء منها، وهو يطلق على الركعة والسجدة وما دونها مثل تكبيرة الإحرام.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: قوله: (سجدة) معناها الركعة بركوعها وسجودها، والركعة إنما يكون تمامها بسجودها، فسميت على هذا المعنى سجدة، فإن قلت: ما الفرق بين قوله: (من أدرك من الصبح سجدة)، وبين قوله: (من أدرك سجدة من الصبح)؟ قلت: رواية تقدم السجدة هي السبب الذي به الإدراك، ومن قدم الصبح أو العصر قبل الركعة، فلأن هذين الاسمين هما اللذان يدلان على هاتين الصلاتين دلالة خاصة، تتناول جميع أوصافها، بخلاف السجدة، فإنها تدل على بعض أوصاف الصلاة، فقدم اللفظ الأعم الجامع.
(ذكر ما يستفاد منه من الأحكام) منها أن فيه دليلا صريحا في أن من صلى ركعة من العصر، ثم خرج الوقت قبل سلامه لا تبطل صلاته، بل يتمها، وهذا بالإجماع، وأما في الصبح، فكذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة: تبطل صلاة الصبح بطلوع الشمس فيها، وقالوا: الحديث حجة على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة.
وقال النووي : قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: تبطل صلاة الصبح بطلوع الشمس فيها؛ لأنه دخل وقت النهي عن الصلاة، بخلاف الغروب، والحديث حجة عليه، (قلت): من وقف على ما أسس عليه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عرف أن الحديث ليس بحجة عليه، وعرف أن غير هذا الحديث من الأحاديث حجة عليهم، فنقول: لا شك أن الوقت سبب للصلاة وظرف لها، ولكن لا يمكن أن يكون كل الوقت سببا؛ لأنه لو كان كذلك يلزم تأخير الأداء عن الوقت، فتعين أن يجعل بعض الوقت سببا، وهو الجزء الأول لسلامته عن المزاحم، فإن اتصل به الأداء تقررت السببية وإلا تنتقل إلى الجزء الثاني والثالث والرابع وما بعده إلى أن يتمكن فيه من عقد التحريمة إلى آخر جزء من أجزاء الوقت، ثم هذا الجزء إن كان صحيحا بحيث لم ينسب إلى الشيطان، ولم يوصف بالكراهة، كما في الفجر، وجب عليه كاملا حتى لو اعترض الفساد في الوقت بطلوع الشمس في خلال الصلاة، فسدت خلافا لهم؛ لأن ما وجب كاملا لا يتأدى بالناقص، كالصوم المنذور المطلق، وصوم القضاء لا يتأدى في أيام النحر والتشريق، وإذا كان هذا الجزء ناقصا كان منسوبا إلى الشيطان كالعصر وقت الاحمرار وجب ناقصا؛ لأن نقصان السبب مؤثر في نقصان المسبب، فيتأدى بصفة النقصان؛ لأنه أدى كما لزم، كما إذا نذر صوم النحر وأداه فيه، فإذا غربت الشمس في أثناء الصلاة لم تفسد العصر؛ لأن ما بعد الغروب كامل فيتأدى فيه؛ لأن ما وجب ناقصا يتأدى كاملا بالطريق الأولى، فإن قلت: يلزم أن تفسد العصر إذا شرع فيه في الجزء الصحيح ومدها إلى أن غربت، (قلت): لما كان الوقت متسعا جاز له شغل كل الوقت فيعفى الفساد الذي يتصل به بالبناء؛ لأن الاحتراز عنه مع الإقبال على الصلاة متعذر، وأما الجواب عن الحديث المذكور فهو ما ذكره الإمام nindex.php?page=showalam&ids=14695الحافظ أبو جعفر الطحاوي، وهو [ ص: 49 ] أنه يحتمل أن يكون معنى الإدراك في الصبيان الذين يدركون؛ يعني: يبلغون قبل طلوع الشمس، والحيض اللاتي يطهرن، والنصارى الذين يسلمون؛ لأنه لما ذكر في هذا الإدراك ولم يذكر الصلاة فيكون هؤلاء الذين سميناهم ومن أشبههم مدركين لهذه الصلاة فيجب عليهم قضاؤها، وإن كان الذي بقي عليهم من وقتها أقل من المقدار الذي يصلونها فيه، فإن قلت: فما تقول فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650523إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته ". رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي أيضا فإنه صريح في ذكر البناء بعد طلوع الشمس، (قلت): قد تواترت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس ما لم تتواتر بإباحة الصلاة عند ذلك، فدل ذلك على أن ما كان فيه الإباحة كان منسوخا بما كان فيه التواتر بالنهي، فإن قلت: ما حقيقة النسخ في هذا والذي تذكره احتمال وهل يثبت النسخ بالاحتمال، (قلت): حقيقة النسخ هنا أنه اجتمع في هذا الموضع محرم ومبيح، وقد تواترت الأخبار والآثار في باب المحرم ما لم تتواتر في باب المبيح، وقد عرف من القاعدة: أن المحرم والمبيح إذا اجتمعا يكون العمل للمحرم ويكون المبيح منسوخا، وذلك لأن الناسخ هو المتأخر، ولا شك أن الحرمة متأخرة عن الإباحة؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، والتحريم عارض، ولا يجوز العكس؛ لأنه يلزم النسخ مرتين، فافهم فإنه كلام دقيق قد لاح لي من الأنوار الإلهية، فإن قلت: إنما ورد النهي المذكور عن الصلاة في التطوع خاصة وليس بنهي عن قضاء الفرائض، (قلت): دل حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما على أن الصلاة الفائتة قد دخلت في النهي، عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وعن عمران أنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=699960سرينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، أو قال: في سرية فلما كان آخر السحر عرسنا فما استيقظنا حتى أيقظنا حر الشمس، الحديث. وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - أخر صلاة الصبح حتى فاتت عنهم إلى أن ارتفعت الشمس ولم يصلها قبل الارتفاع، فدل ذلك أن النهي عام يشمل الفرائض والنوافل، والتخصيص بالتطوع ترجيح بلا مرجح.
ومنها؛ أي: من الأحكام أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة ومن تبعه استدلوا بالحديث المذكور أن آخر وقت العصر هو غروب الشمس؛ لأن من أدرك منه ركعة أو ركعتين مدرك له، فإذا كان مدركا يكون ذلك الوقت من وقت العصر؛ لأن معنى قوله: " فقد أدرك " أدرك وجوبها حتى إذا أدرك الصبي قبل غروب الشمس، أو أسلم الكافر أو أفاق المجنون أو طهرت الحائض تجب عليه صلاة العصر، ولو كان الوقت الذي أدركه جزءا يسيرا لا يسع فيه الأداء، وكذلك الحكم قبل طلوع الشمس.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر: لا يجب ما لم يجد وقتا يسع الأداء فيه حقيقة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قولان فيما إذا أدرك دون ركعة كتكبيرة مثلا، أحدهما لا يلزمه والآخر يلزمه، وهو أصحهما.
ومنها: أنهم اختلفوا في معنى الإدراك: هل هو للحكم أو للفضل أو للوقت في أقل من ركعة؟ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجمهور الأئمة، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إلى أنه لا يدرك شيئا من ذلك بأقل من ركعة، متمسكين بلفظ الركعة وبما في (صحيح) nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : nindex.php?page=hadith&LINKID=53596إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوها ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة. وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في قول: إلى أنه يكون مدركا لحكم الصلاة، فإن قلت: قيد في الحديث بركعة، فينبغي أن لا يعتبر أقل منها، (قلت): قيد الركعة فيه خرج مخرج الغالب، فإن غالب ما يمكن معرفة الإدراك به ركعة أو نحوها، حتى قال بعض الشافعية: إنما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر الركعة البعض من الصلاة؛ لأنه روي عنه: " nindex.php?page=hadith&LINKID=657966من أدرك ركعة من العصر، nindex.php?page=hadith&LINKID=689075ومن أدرك ركعتين من العصر، nindex.php?page=hadith&LINKID=704194ومن أدرك سجدة من العصر " فأشار إلى بعض الصلاة مرة بركعة ومرة بركعتين ومرة بسجدة، والتكبيرة في حكم الركعة؛ لأنها بعض الصلاة، فمن أدركها فكأنه أدرك ركعة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : واتفق هؤلاء؛ يعني: nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبا يوسف nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في قول: على إدراكهم العصر بتكبيرة قبل الغروب، واختلفوا في الظهر، فعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في قول: هو مدرك بتكبيرة لها، لاشتراكهما في الوقت، وعنه أنه بتمام القيام للظهر يكون قاضيا لها بعد، واختلفوا في الجمعة؛ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد: إلى أن من أدرك منها ركعة أضاف إليها أخرى.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف: إذا أحرم في الجمعة قبل سلام الإمام صلى ركعتين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والحكم وحماد، وأغرب nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد فقالوا: إن من فاتته الخطبة يوم الجمعة يصلي أربعا؛ لأن الجمعة إنما قصرت من أجل الخطبة.
[ ص: 50 ] وحمل أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قوله: (من أدرك ركعة من العصر) على أصحاب الأعذار كالحائض والمغمى عليه وشبههما، ثم هذه الركعة التي يدركون بها الوقت هي بقدر ما يكبر فيها للإحرام، ويقرأ أم القرآن قراءة معتدلة، ويركع ويسجد سجدتين يفصل بينهما ويطمئن في كل ذلك على قول من أوجب الطمأنينة، وعلى قول من لا يوجب قراءة أم القرآن في كل ركعة يكفيه تكبيرة الإحرام، والوقوف لها، وأشهب لا يراعي إدراك السجدة بعد الركعة، وسبب الخلاف هل المفهوم من اسم الركعة الشرعية أو اللغوية.
وأما التي يدرك بها فضيلة الجماعة، فحكمها بأن يكبر لإحرامها، ثم يركع ويمكن يديه من ركبتيه قبل رفع الإمام رأسه، وهذا مذهب الجمهور، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه لا يعتد بالركعة ما لم يدرك الإمام قائما قبل أن يركع، وروي معناه عن nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب، وروي عن جماعة من السلف: أنه متى أحرم والإمام راكع أجزأه، وإن لم يدرك الركوع وركع بعد الإمام. وقيل: يجزيه وإن رفع الإمام رأسه ما لم يرفع الناس، ونقله ابن بزيزة عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال: وإذا انتهى إلى الصف الآخر ولم يرفعوا رؤوسهم أو بقي منهم واحد لم يرفع رأسه، وقد رفع الإمام رأسه فإنه يركع، وقد أدرك الصلاة؛ لأن الصف الذي هو فيه إمامه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري: إذا كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك، وإن رفع الإمام قبل أن يضع يديه على ركبتيه فإنه لا يعتد بها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين: إذا أدرك تكبيرة يدخل بها في الصلاة وتكبيرة للركوع فقد أدرك تلك الركعة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : وقيل: يجزيه إن أحرم قبل سجود الإمام.
وقال ابن بزيزة: قال nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية: إذا جاء وهم سجود يسجد معهم، فإذا سلم الإمام قام فركع ركعة ولا يسجد، ويعتد بتلك الركعة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه كان إذا جاء والقوم سجود سجد معهم، فإذا رفعوا رؤوسهم سجد أخرى ولا يعتد بها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : إذا ركع ثم مشى فدخل في الصف قبل أن يرفعوا رؤوسهم اعتد بها، وإن رفعوا رؤوسهم قبل أن يصل إلى الصف فلا يعتد بها.
وأما حكم هذه الصلاة فالصحيح أنها كلها أداء، قال بعض الشافعية: كلها قضاء.
وقال بعضهم: تلك الركعة أداء وما بعدها قضاء، وتظهر فائدة الخلاف في مسافر نوى العصر وصلى ركعة في الوقت، فإن قلنا: الجميع أداء، فله قصرها، وإن قلنا: كلها قضاء أو بعضها، وجب إتمامها أربعا، إن قلنا إن فائتة السفر إذا قضاها في السفر يجب إتمامها، وهذا كله إذا أدرك ركعة في الوقت، فإن كان دون ركعة فقال الجمهور: كلها قضاء.