أي: هذا باب في بيان الدواء بالعسل وهو يذكر ويؤنث، وأسماؤه تزيد على المائة، وله منافع كثيرة: يجلي الأوساخ التي في العروق والأمعاء، ويدفع الفضلات، ويغسل خمل المعدة ويسخنها تسخينا معتدلا، ويفتح أفواه العروق، ويشد المعدة والكبد والكلى والمثانة، وفيه تحليل للرطوبات أكلا وطلاء وتغذية، وفيه حفظ للمعجونات، وإذهاب لكيفية الأدوية المستكرهة، وتنقية للكبد والصدر، وإدرار البول والطمث، ونفع للسعال الكائن من البلغم، ونفع لأصحاب البلاغم والأمزجة الباردة، وإذا أضيف إليه الخل نفع أصحاب الصفراء، ثم هو غذاء من الأغذية، ودواء من الأدوية، وشراب من الأشربة، وحلوى من الحلاوات، وطلاء من الأطلية، ومفرح من المفرحات. ومن منافعه أنه إذا شرب حارا بدهن الورد نفع من نهش الحيوان، وإذا شرب بماء نفع من عضة الكلب الكلب، وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر، وكذا الخيار والقرع والباذنجان والليمون ونحو ذلك من الفواكه، وإذا لطخ به البدن للقمل قتل القمل والصيبان وطول الشعر وحسنه ونعمه، وإن اكتحل به جلا ظلمة البصر، وإن استن به صقل الأسنان وحفظ صحتها، وهو عجيب في حفظ جثة الموتى فلا يسرع إليها البلاء، وهو مع ذلك مأمون الغائلة قليل المضرة، ولم يكن معول قدماء الأطباء في الأدوية المركبة إلا عليه، ولا ذكر للسكر في أكثر كتبهم أصلا، وهو في أكثر الأمراض والأحوال أنفع من السكر; لأنه مليح ويجلو ويدر ويحلل ويغسل وهذه الأفعال في السكر ضعيفة، وفي السكر إرخاء المعدة وليس ذلك في العسل، وكان صلى الله عليه وسلم يشرب كل يوم قدح عسل ممزوجا بماء على الريق، وهي حكمة عجيبة في حفظ الصحة ولا يعقلها إلا العالمون، وكان بعد ذلك يتغدى بخبز الشعير مع الملح أو الخل ونحوه، ويصابر شظف العيش ولا يضره لما سبق من شربه العسل.