قلت: قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، عن غيب أطلعه الله عليه، وأعلمه بالوحي أن شفاءه بالعسل، فكرر عليه الأمر بسقي العسل ليظهر ما وعد به، وأيضا قد علم أن ذلك النوع من المرض يشفيه العسل.
وقال النووي: اعترض بعض الملاحدة فقال: العسل مسهل فكيف يشفي صاحب الإسهال؟ وهذا جهل من المعترض وهو كما قال: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فإن الإسهال يحصل من أنواع كثيرة ومنها الإسهال الحادث من الهيضة، وقد أجمع الأطباء على أن علاجه بأن تترك الطبيعة وفعلها، وإن احتاجت إلى معين على الإسهال أعينت، فيحتمل أن يكون إسهاله من الهيضة، وأمره بشرب العسل معاونة إلى أن فنيت المادة فوقف الإسهال، وقد يكون ذلك من باب التبرك ومن دعائه وحسن أثره، ولا يكون ذلك حكما عاما لكل الناس، وقد يكون ذلك خارقا للعادة من جملة المعجزات، وقيل: المعنى فيه شفاء لبعض الناس وأولوا الآية، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الذي يأتي على الخصوص وقالوا: الحجامة وشرب العسل والكي إنما هي شفاء لبعض الأمراض دون بعض ألا ترى قوله: "أو لذعة بنار توافق الداء" فشرط صلى الله عليه وسلم موافقتها للداء، فدل هذا على أنها إذا لم توافق الداء فلا دواء فيها، وقد جاء في القرآن ما لفظه لفظ العموم، والمراد به الخصوص كقوله [ ص: 233 ] تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون يريد المؤمنين، وقال في بلقيس: وأوتيت من كل شيء ولم تؤت ملك سليمان عليه الصلاة والسلام، ومثله كثير.
واختلف أهل التأويل فيما عادت عليه الهاء في قوله: فيه شفاء للناس فقال بعضهم: على القرآن وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وقال آخرون: على العسل روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس، وهو قول الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، وهو أولى بدليل حديثي الباب.