صفحة جزء
5605 160 - حدثنا آدم قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن [ ص: 69 ] عتبة، عن ابن عباس، عن أبي طلحة رضي الله عنهم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب، ولا تصاوير.


مطابقته للترجمة في قوله: " ولا تصاوير".

وآدم هو ابن أبي إياس، يروي عن محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، بكسر الذال المعجمة، واسمه هشام بن سعيد، وأبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري، وهو رواية الصحابي عن الصحابي.

وأخرجه البخاري أيضا فيما مضى في بدء الخلق عن محمد بن مقاتل، وفي المغازي عن إبراهيم بن موسى وغيره، وأخرجه مسلم في اللباس عن يحيى بن يحيى، ومضى الكلام فيه.

قوله: " الملائكة" ظاهره العموم; ولكن استثنى الحفظة؛ لأنهم لا يفارقون الشخص بكل حال، وبذلك جزم ابن وضاح، والخطابي، والداودي وآخرون، وقالوا: المراد بالملائكة في هذا الحديث ملائكة الوحي؛ مثل جبريل، وإسرافيل، وأما الحفظة؛ فإنهم يدخلون كل بيت ولا يفارقون الإنسان أصلا إلا عند الخلاء والجماع، كما جاء في حديث فيه ضعف، وقيل: المراد ملائكة يطوفون بالرحمة والاستغفار. قوله: " بيتا"؛ المراد به المكان الذي يستقر به الشخص سواء كان بيتا أو خيمة أو غير ذلك. قوله: " فيه كلب"؛ الظاهر فيه العموم، ومال إليه القرطبي والنووي، وقال الخطابي: يستثنى منه الكلاب التي أذن في اتخاذها؛ نحو كلاب الصيد، والماشية، والزرع، واختلفوا في وجه امتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه الكلب، فقيل: لكونه نجس العين، وقيل: لكونه من الشياطين، وقيل: لأجل النجاسة التي تتعلق به؛ فإنه يكثر أكل النجاسة وتتلطخ به. قلت: كل هذا لا يجدي; لأن الخنزير أشد نجاسة منه للنص الوارد فيه، ولا يخلو بيت من الشياطين، والسنور أيضا يكثر أكل النجاسة، ومع هذا لم يرد امتناع الملائكة من الدخول في البيت الذي فيه هرة، ولا خنزير وغيرهما إلا في البيت الذي فيه الكلب خاصة من دون سائر الحيوانات النجسة. قوله: " ولا تصاوير" وفي الرواية التي تقدمت في بدء الخلق: " ولا صورة" بالإفراد. وقال الخطابي: المراد: من الصور التي فيها الروح مما لم يقطع رأسه، أو لم يمتهن بالوطء، وأغرب ابن حبان فادعى أن هذا الحكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: وهو نظير الحديث الآخر: لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس، قال: فإنه محمول على رفقة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ محال أن يخرج الحاج أو المعتمر لقصد بيت الله على رواحل لا تصحبها الملائكة، وهم وفد الله عز وجل، فإن قلت: قال الله تعالى عند ذكر سليمان: يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل قال مجاهد: كانت صورا من نحاس، أخرجه الطبراني، وقال قتادة: كانت من خشب ومن زجاج، أخرجه عبد الرزاق، قلت: كان ذلك جائزا في تلك الشريعة، وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في عبادتهم ليتعبدوا كعبادتهم، ثم جاء شرعنا بالنهي عن ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية