أي: هذا باب في بيان من رأى من الفقهاء أن للقاضي - ويروى للحاكم - أن يحكم بعلمه في أمر الناس، وأشار بهذا إلى قول الإمام nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه؛ فإن مذهبه أن للقاضي أن يحكم بعلمه في حقوق الناس ، وقيد به لأنه ليس له أن يقضي بعلمه في حقوق الله كالحدود.
قوله: " إذا لم يخف " أي القاضي " الظنون والتهمة " بفتح الهاء، وشرط شرطين في جواز ذلك؛ أحدهما عدم التهمة، والآخر وجود شهرة القضية، أشار إليه بقوله: " إذا كان أمر مشهور ".
قوله: " كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم " إلى آخره ذكره في معرض الاحتجاج لمن رأى أن للقاضي أن يحكم بعلمه؛ فإن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قضى لهند بنفقتها ونفقة ولدها على أبي سفيان ؛ لعلمه بوجوب ذلك.
وهند هي بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، أم معاوية ، زوجة أبي سفيان بن حرب ، أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها. وهذا وصله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في النفقات.
ثم هذه المسألة فيها أقوال للعلماء، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يجوز للقاضي ذلك في حقوق الناس سواء علم ذلك قبل القضاء أو بعده، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : ما علمه قبل القضاء من حقوق الناس لا يحكم فيه بعلمه، ويحكم فيما إذا علمه بعد القضاء، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ومحمد : يحكم فيما علمه قبل القضاء، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في المشهور عنه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق وأبو عبيد : لا يقضي بعلمه أصلا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ما أقر به الخصمان عنده أخذهما به وأنفذه عليهما إلا الحد، وقال عبد الملك : يحكم بعلمه فيما كان في مجلس حكمه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15063الكرابيسي : الذي عندي أن شرط جواز الحكم بالعلم أن يكون الحاكم مشهورا بالصلاح والعفاف والصدق، ولم يعرف بكثير زلة، ولم يوجد عليه جريمة بحيث تكون أسباب التقى فيه موجودة، وأسباب التهم فيه مفقودة، فهذا الذي يجوز له أن يحكم بعلمه مطلقا.