صفحة جزء
685 106 - حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو بن مرة، قال: سمعت سالم بن أبي الجعد، قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم.


مطابقته للترجمة في لفظ التسوية ظاهرة، وليس فيه ما يطابق. قوله: (عند الإقامة وبعدها)، ولكنه أشار بذلك إلى ما في بعض طرق الحديث ما يدل على ذلك، وقد روى مسلم من حديث النعمان قال: ذلك ما كاد أن يكبر.

ذكر رجاله وهم خمسة قد ذكروا، وعمرو بن مرة بضم الميم، وتشديد الراء أبو عبد الله الجهمي بضم الجيم المرادي بضم الميم، وتخفيف الراء الكوفي الأعمش من الأئمة العاملين، مات سنة عشرة ومائة، والجعد بفتح الجيم، وبشير بفتح الباء الموحدة، وكسر الشين المعجمة مر في كتاب الإيمان في باب فضل من استبرأ.

(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه السماع في موضعين، وفيه القول في خمسة مواضع، وفيه أن شيخه مذكور باسمه وكنيته صريحا، وفيه أن رواته ما بين بصري وكوفي.

ذكر من أخرجه غيره:

أخرجه مسلم أيضا في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة، وابن المثنى، وابن بشار عن غندر عن شعبة .

(ذكر معناه) قوله: ( لتسون ) اللام فيه للتأكيد، وقال البيضاوي : هذه اللام هي التي يتلقى بها القسم، والقسم هنا مقدر، ولهذا أكده بالنون المشددة، وقد أبرزه أبو داود في (سننه)، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي القاسم الجدلي، قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس بوجهه، فقال: أقيموا صفوفكم ثلاثا، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله في قلوبكم .. الحديث، وأصل لتسون لتسوون لأنه من التسوية، تقول: تسوي تسويان تسوون بضم الواو الأولى، وسكون الثانية، والنون فيه علامة الجمع فلما دخلت عليه نون التأكيد الثقيلة حذفت نون الجمع وإحدى الواوين لالتقاء الساكنين، فالمحذوف هو واو الجمع أو واو الكلمة، فيه خلاف وقد علم في موضعه، وفي رواية المستملي : لتسوون، فالنون على هذه الرواية نون الجمع؛ فإن قلت: ما معنى تسوية الصفوف؟ قلت: اعتدال القائمين بها على سمت واحد، ويراد بها أيضا سد الخلل الذي في الصف على ما سيأتي. قوله: ( أو ليخالفن الله ) بفتح اللام الأولى لأنها لام التأكيد وبكسر اللام الثانية وفتح الفاء، ولفظ الله مرفوع بالفاعلية، وكلمة أو في الأصل موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء، وقد تخرج إلى معنى بل وإلى معنى الواو، وهي حرف عطف، ذكر المتأخرون لها معاني كثيرة، وهاهنا لأحد الأمرين لأن الواقع أحد الأمرين إما إقامة الصفوف وإما المخالفة، والمعنى ليخالفن الله إن لم تقيموا الصفوف لأنه قابل بين الإقامة وبينه فيكون الواقع أحد الأمرين، وهذا وعيد لمن لم يقم الصفوف بعذاب من جنس ذنبهم لاختلافهم في مقامهم. وقيل: يوقع بينكم العداوة والبغضاء، واختلاف القلوب، يقال: تغير وجه فلان علي أي ظهر لي من وجهه كراهية في وتغير لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في الظاهر، واختلاف الظاهر سبب لاختلاف الباطن. وقيل: هو على حقيقته، والمراد [ ص: 254 ] تشويه الوجه بتحويل خلقه عن وضعه بجعله موضع القفا، وهذا نظير الوعيد فيمن رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، ويؤيد حمله على ظاهره ما رواه أحمد من حديث أبي أمامة بلفظ: لتسون الصفوف أو لتطمسن الوجوه، قال القرطبي : معناه تفترقون فيأخذ كل واحد وجها غير الذي أخذ صاحبه لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة، ويقال: المراد من الوجه إما الذات فالمخالفة بحسب المقاصد، وإما العضو المخصوص فالمخالفة إما بحسب الصورة الإنسانية وغيرها، وإما بحسب الصفة، وإما بحسب القدام والوراء. قوله: (ليخالفن) من باب المفاعلة، ولكن لا يقتضي المشاركة لأن معناه ليوقعن الله المخالفة بقرينة لفظة بين.

التالي السابق


الخدمات العلمية