قلت : نسبة الكرماني إلى التساهل الشديد تساهل أشد منه لأن قوله : " ليس في الحديث ما يدل عليه " صحيح ، وقوله : " ولم يثبت عنه ذلك أيضا " صحيح لأن مراده أنه لم يثبت عنده ، فإذا كان كذلك فقول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لا أدري غير واقع في محله ، قوله : " ولم يقل برأي ولا قياس " قال الكرماني : قيل لا فرق بينهما وهما مترادفان ، وقيل الرأي هو التفكر ، أي لم يقل بمقتضى العقل ولا بالقياس ، وقيل : الرأي أعم لتناوله مثل الاستحسان ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب : ما حاصله الرد على nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في قوله : " ولم يقل برأي ولا قياس " لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قد علم أمته كيفية القياس والاستنباط في مسائل لها أصول ومعان في كتاب الله عز وجل ليريهم كيف يصنعون فيما عدموا فيه النصوص والقياس هو تشبيه ما لا حكم فيه بما فيه حكم في المعنى ، وقد شبه صلى الله تعالى عليه وسلم الحمر بالخيل فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=652198 " ما أنزل الله علي فيهما بشيء غير هذه الآية الفاذة الجامعة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " وقال للتي أخبرته أن أباها لم يحج " nindex.php?page=hadith&LINKID=656771أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته ، فالله أحق بالقضاء " وهذا هو عين القياس عند العرب وعند العلماء بمعاني الكلام ، وأما سكوته صلى الله تعالى عليه وسلم حتى نزل الوحي ، فإنما سكت في أشياء معضلة ليست لها أصول في الشريعة فلا بد فيها من اطلاع الوحي ، ونحن الآن قد فرغت لنا الشرائع وأكمل الله الدين ، فإنما ننظر ونقيس موضوعاتها فيما أعضل من النوازل ، قوله : " لقوله بما أراك الله " أي لقول الله تعالى ، ويروى هكذا " لقول الله " وهو رواية [ ص: 47 ] nindex.php?page=showalam&ids=15229المستملي ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بقوله تعالى : لتحكم بين الناس بما أراك الله أي بما أعلمك الله ، وأجيب عن هذا بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم إذا حكم بين الناس بالقياس فقد حكم أيضا بما أراه الله ، ونقل ابن التين عن nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي بما حاصله أن الذي احتج به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بما ادعاه من النفي حجة في الإثبات ; لأن المراد بقوله بما أراك الله ليس محصورا في النصوص ، بل فيه إذن بالقول في الرأي ، قلت : فحينئذ تنقلب الحجة عليه .