أي: هذا باب في بيان إيجاب تكبيرة الإحرام، ثم الواو في " وافتتاح الصلاة " قال بعضهم: الظاهر أنها عاطفة إما على المضاف وهو إيجاب، وإما على المضاف إليه وهو التكبير، والأول أولى إن كان المراد بالافتتاح الدعاء؛ لأنه لا يجب، والذي يظهر من سياقه أن الواو بمعنى مع، وأن المراد بالافتتاح الشروع في الصلاة انتهى.
(قلت): لا نسلم أن الواو هنا عاطفة، فلا يصح قوله: إما على المضاف، وإما على المضاف إليه، بل الواو هنا: إما بمعنى باء الجر، كما في قولهم: أنت أعلم ومالك، والمعنى: إيجاب التكبير بافتتاح الصلاة، وإما بمعنى لام التعليل، والمعنى إيجاب التكبير لأجل افتتاح الصلاة، ومجيء الواو بمعنى لام التعليل ذكره الخارزنجي، ويجوز أن تكون بمعنى مع: أي إيجاب التكبير مع افتتاح الصلاة، ومجيء الواو بمعنى مع شائع ذائع.
ثم اعلم أنه كان ينبغي أن يقول: باب وجوب التكبير؛ لأن الإيجاب هو الخطاب الذي يعتبر فيه جانب الفاعل، والوجوب هو الذي يعتبر فيه جانب المفعول، وهو فعل المكلف، وإطلاق الإيجاب على الوجوب تسامح.
واختلف العلماء في تكبيرة الإحرام، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : هي شرط، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : ركن، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : تنعقد الصلاة بمجرد النية بلا تكبير، قال أبو بكر : ولم يقل به غيره.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : ذهب جمهور العلماء إلى وجوب تكبيرة الإحرام، وذهبت طائفة إلى أنها سنة، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، والحكم، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وقالوا: إن تكبير الركوع يجزيه عن تكبير الإحرام، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المأموم ما يدل على أنه سنة، ولم يختلف قوله في المنفرد والإمام أنه واجب على كل واحد منهما، وأن من نسيه يستأنف الصلاة، وفي المغني لابن قدامة : التكبير ركن، لا تنعقد الصلاة إلا به، سواء تركه سهوا أو عمدا، قال: وهذا قول ربيعة، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وإسحاق، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، وأبو الحسن الكرخي الحنفي عن nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية، والأصم كقول nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري في انعقاد الصلاة بمجرد النية بغير تكبير.
وقال عبد العزيز بن إبراهيم بن بزيزة : قالت طائفة بوجوب تكبير الصلاة كله، وعكس آخرون فقالوا: كل تكبيرة في الصلاة ليست بواجبة مطلقا، منهم ابن شهاب، nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب، وأجازوا الإحرام بالنية؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650001إنما الأعمال بالنيات ".
والجمهور أوجبوها خاصة دون ما عداها، واختلف مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هل يحملها الإمام عن المأموم أم لا؟ فيه قولان في المذهب.
ثم اختلف العلماء هل يجزئ الافتتاح بالتسبيح والتهليل مكان التكبير، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وأبو يوسف، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وإسحاق : لا يجزئ إلا الله أكبر، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه يجزئ الله الأكبر، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، ومحمد : يجوز بكل لفظ يقصد به التعظيم، وذكر في الهداية قال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : إن كان المصلي يحسن التكبير لم يجز إلا الله أكبر، أو الله الأكبر، أو الله الكبير، وإن لم يحسن جاز.
وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة عقد قائما، ورفع يديه، ثم قال: الله أكبر " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي .
(قلت): التكبير هو التعظيم من حيث اللغة، كما في قوله تعالى: فلما رأينه أكبرنه أي عظمنه وربك فكبر أي فعظم، فكل لفظ دل على التعظيم وجب أن يجوز الشروع به، ومن أين قالوا: إن التكبير وجب بعينه حتى يقتصر على لفظ: أكبر، والأصل في خطاب الشرع أن تكون نصوصه معلومة معقولة، والتقييد خلاف في الأصل على ما عرف في الأصول، وقال تعالى: وذكر اسم ربه فصلى وذكر اسمه تعالى أعم من أن يكون باسم الله، أو باسم الرحمن، فجاز: الرحمن أعظم، كما جاز الله أكبر؛ لأنهما في كونهما ذكرا سواء قال الله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وقال صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650379أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " فمن قال: [ ص: 269 ] لا إله إلا الرحمن أو العزيز كان مسلما، فإذا جاز ذلك في الإيمان الذي هو أصل ففي فروعه أولى، وفي سنن nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية أنه سئل: بأي شيء كان الأنبياء عليهم السلام يستفتحون الصلاة؟ قال: بالتوحيد، والتسبيح، والتهليل.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال: بأي شيء من أسماء الله تعالى افتتحت الصلاة أجزأك، ومثله عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي، وعن إبراهيم : إذا سبح أو كبر أو هلل أجزأ في الافتتاح.
والجواب عن حديث رفاعة أنه صلى الله عليه وسلم - قد أثبتها صلاة، ونفى قبولها، ويجوز أن تكون جائزة، ولا تكون مقبولة؛ إذ لا يلزم من الجواز القبول، وعندهم لا تكون صلاة فلا حجة فيه.