أي: هذا باب في قول الله عز وجل: ولا تنفع الشفاعة عنده إلخ، وغرض البخاري من ذكر هذه الآية بل من الباب كله [ ص: 152 ] بيان كلام الله القائم بذاته، ودليله أنه قال: ماذا قال ربكم، ولم يقل: ماذا خلق ربكم، وفيه رد للمعتزلة والخوارج والمرجئة والجهمية والنجارية; لأنهم قالوا: إنه متكلم يعني خالق الكلام في اللوح المحفوظ مثلا، وفي هذا ثلاثة أقوال: قول أهل الحق أن القرآن غير مخلوق وأنه كلامه تعالى قائم بذاته لا ينقسم ولا يتجزأ أو لا يشبه شيئا من كلام المخلوقين، والقول الثاني ما ذكرنا عن هؤلاء المذكورين، والقول الثالث أن الواجب فيه الوقف فلا يقال: إنه مخلوق ولا غير مخلوق، وفيه إثبات الشفاعة.
قوله: إذا فزع " أي: إذا أزيل الخوف، والتفعيل للإزالة والسلب، وحاصل المعنى حتى إذا ذهب الفزع، قالوا: ماذا قال ربكم، فدل ذلك على أنهم سمعوا قولا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم، فقالوا: ماذا قال ربكم، ولم يقولوا: ماذا خلق ربكم. وأكد ذلك بما حكاه عن الملائكة أيضا قالوا: الحق، والحق إحدى صفتي الذات، ولا يجوز على الله غيره؛ لأنه لا يجوز على كلامه الباطل.
قوله: من ذا الذي يشفع عنده " قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: أشار بذلك إلى سبب النزول; لأنه جاء أنهم لما قالوا: شفعاؤنا عند الله الأصنام نزلت، فأعلم الله أن الذين يشفعون عنده من الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما يشفعون فيمن يشفعون فيه بعد إذنه لهم في ذلك.