مطابقة الحديث لإحدى الترجمتين - وهي قوله " بالموعظة " - ظاهرة ، والباب مترجم بترجمتين ; إحداهما قوله " بالموعظة " ، والأخرى قوله " كي لا ينفروا " ، فأورد فيه حديثين كل منهما يطابق واحدة منهما .
بيان رجاله : وهم خمسة ; الأول : nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف ، قال الشيخ قطب الدين في شرحه : هو محمد بن يوسف بن واقد الفريابي أبو عبد الله ، الضبي مولاهم ، سكن قيسارية من ساحل الشام ، أدرك nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وروى عنه وعن السفيانين وغيرهم ، وروى عنه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ومحمد الذهلي ومحمد بن مسلم ابن وارة وغيرهم ، وروى عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في مواضع كثيرة ، وروى في كتاب الصداق عن إسحاق - غير منسوب - عنه ، وروى بقية الجماعة عن رجل عنه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : كان رجلا صالحا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وأبو حاتم : ثقة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : كان من أفضل أهل زمانه . مات في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة ومائتين ، وقال الكرماني : هو محمد بن يوسف أبو أحمد البيكندي - وهذا وهم ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حيث يطلق nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف لا يريد به إلا nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي وإن كان يروي أيضا عن البيكندي ; فافهم !
الثاني : nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري .
فإن قلت : nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف الفريابي يروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة أيضا كما ذكرنا ، فما المرجح ها هنا لسفيان الثوري ؟ قلت : nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي وإن كان يروي عن السفيانين ولكنه حيث يطلق لا يريد به إلا nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري .
الثالث : nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان بن مهران الأعمش .
الرابع : nindex.php?page=showalam&ids=16115أبو وائل ، شقيق بن سلمة الكوفي .
الخامس : nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
بيان الأنساب : الفريابي بكسر الفاء وسكون الراء بعدها الياء آخر الحروف وبعد الألف باء موحدة ، نسبة إلى فرياب اسم مدينة من نواحي بلخ ، قال الصغاني : فرياب مثل جربال ، ويقال فيرياب مثل كيمياء ، ويقال فارياب مثل قاصعاء ، وأما فاراب فهي ناحية وراء نهر سيحون في تخوم بلاد الترك ، وفراب مثل سحاب قرية في سفح جبل على ثمانية فراسخ من سمرقند ، وفراب مثل كفار قرية من قرى أصبهان .
الضبي بفتح الضاد المعجمة وتشديد الباء الموحدة ، نسبة إلى ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ، وفي قريش أيضا ضبة بن الحارث بن فهر - ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب ، وفي هذيل أيضا ضبة بن عمرو بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل .
البيكندي بكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف الساكنة وفتح الكاف وسكون النون بعدها الدال المهملة ، نسبة إلى بيكند قرية من قرى بخارى .
بيان لطائف إسناده : منها أن فيه التحديث والعنعنة ، ومنها أن رواته كوفيون ما خلا nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي ، ومنها أن فيه رواية تابعي عن تابعي .
فإن قلت : nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش مدلس ، وقد عنعن هنا ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16637علي بن مسهر عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن شقيق عن عبد الله فذكر الحديث ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16637علي بن مسهر : قال nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة ، عن شقيق ، عن عبد الله - مثله ، فقد يوهم هذا أن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش دلسه أولا عن شقيق ثم سمى الواسطة بينهما ! قلت : صرح nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية هذا الحديث بسماع nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن شقيق فقال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16115شقيقا وهو أبو وائل - وكذا صرح nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش بالتحديث عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الدعوات من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث عنه قال : حدثني شقيق - وزاد في أوله أنهم كانوا ينتظرون nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ليخرج إليهم فيذكرهم ، وأنه لما خرج قال : أما إني أخبر بمكانكم ، ولكنه يمنعني من الخروج إليكم - فذكر الحديث .
[ ص: 45 ] بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الباب الذي يليه عن nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير عن nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود به ، وأخرجه أيضا في الدعوات عن nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في التوبة عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، وأبو معاوية ومحمد بن نمير عن nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية ، وعن الأشج عن nindex.php?page=showalam&ids=16410ابن إدريس ، وعن منجاب عن nindex.php?page=showalam&ids=16637علي بن مسهر ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم وابن خشرم عن nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن ابن أبي عمر عن سفيان - كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، زاد nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش في رواية ابن مسهر : وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة ، عن شقيق ، عن عبد الله - مثله .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في الاستئذان عن محمد بن غيلان عن nindex.php?page=showalam&ids=11798أبي أحمد الزبيري عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري به ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان الأعمش به ، وفي نسخة عن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار عن يحيى عن سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش به ، وقال : حسن صحيح .
بيان اللغات : قوله " يتخولنا " بالخاء المعجمة وباللام ، من التخول وهو التعهد ، من خال المال وخال على الشيء خولا إذا تعهد ، ويقال خال المال يخوله خولا إذا ساسه وأحسن القيام عليه ، والخائل المتعاهد للشيء المصلح له ، وخول الله الشيء أي ملكه إياه ، وخول الرجل حشمه الواحد خائل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12112أبو عمرو الشيباني : الصواب يتحولهم بالحاء المهملة ; أي يطلب أحوالهم التي ينشطون فيها للموعظة فيعظهم ولا يكثر عليهم فيملوا . وكان nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي يرويه " يتخوننا " بالنون والخاء المعجمة ; أي يتعهدنا - حكاه عنهما صاحب نهاية الغريب ، وفي مجمع الغرائب قال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : أظنه يتخونهم بالنون ، وهو بمعنى التعهد . وقيل : إن أبا عمرو بن العلاء سمع nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش يحدث هذا الحديث فقال " يتخولنا " باللام ، فرده عليه بالنون فلم يرجع لأجل الرواية ، وكلا اللفظين جائز ، والصواب بالخاء المعجمة وباللام . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : معناه يتخذنا خولا ، ويقال يناجينا بها ، وقيل يصلحنا . وقال أبو عبيدة : يذللنا بها ، يقال خول الله لك أي ذلله لك وسخره ، وقيل يحبسهم عليها كما يحبس الخول .
قوله " كراهية السآمة " ، من كرهت الشيء أكرهه كراهة وكراهية ، والسآمة مثل الملالة بناء ومعنى . وقال أبو زيد : سئمت من الشيء أسأم سأما وسآمة وسآما - إذا مللته ، ورجل سؤوم .
بيان الإعراب : قوله " النبي " مرفوع لأنه اسم " كان " ، وقوله " يتخولنا " جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب على أنها خبر " كان " .
فإن قلت : كان لثبوت خبرها ماضيا ، ويتخولنا إما حال وإما استقبال ، فما وجه الجمع بينهما ؟ قلت : كان يراد به الاستمرار ، وكذا الفعل المضارع ، فاجتماعهما يفيد شمول الأزمنة . وقال الأصوليون : قولهم كان حاتم يكرم الضيف يفيد تكرار الفعل في الأزمان ، والباء في " بالموعظة " تتعلق بيتخولنا .
قوله " في الأيام " صفة لموعظة ; أي بالموعظة الكائنة في الأيام .
قوله " كراهية السآمة " كلام إضافي منصوب على أنه مفعول له ; أي لأجل كراهية السآمة ، وصلة السآمة محذوفة لأنه يقال سأمت من الشيء ، والتقدير : كراهية السآمة من الموعظة . وقوله " علينا " إما يتعلق بالسآمة على تضمين السآمة معنى المشقة ; أي كراهة المشقة علينا ، إذ المقصود بيان رفق النبي عليه السلام بالأمة وشفقته عليهم ليأخذوا منه بنشاط وحرص لا عن ضجر وملل ، وإما يجعل صفة ، والتقدير : كراهية السآمة الطارئة علينا . وإما يجعل حالا ، والتقدير : كراهية السآمة حال كونها طارئة علينا . وإما يتعلق بالمحذوف ، والتقدير : كراهية السآمة شفقة علينا . فافهم !