مطابقته للترجمة من حيث إنه يبين الإبهام الذي في الترجمة، ففسره أولا بقوله: وسمى النبي صلى الله عليه وسلم السفر يوما وليلة، وثانيا بقوله: وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . . إلى آخره، وثالثا بهذا الحديث الذي رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ; لأن إبهام الترجمة وإطلاقه يتناول الكل.
ذكر رجاله، وهم خمسة:
الأول: إسحاق ، قال أبو علي الجياني : حيث قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق، فهو ابن راهويه ، وإما ابن نصر السعدي ، وإما nindex.php?page=showalam&ids=15106ابن منصور الكوسج ; لأن الثلاثة أخرج عنهم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة . قال الكرماني : إسحاق هو الحنظلي .
قلت: هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم، يعرف بابن راهويه الحنظلي المروزي ، والصواب معه ; لأنه ساق هذا الحديث في مسنده بهذه العبارة.
الثاني: nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة حماد بن أسامة الليثي ، وقد مر غير مرة.
الثالث: nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر العمري ، وقد مر عن قريب.
الرابع: nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع مولى ابن عمر .
الخامس: nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر .
ذكر لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه قال: وقلت. وفيه أن شيخه مروزي، nindex.php?page=showalam&ids=11804وأبو أسامة كوفي ، وعبيد الله nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع مدنيان. وفيه دليل لمن قال: إنه لا يشترط في صحة الناقل قول الشيخ نعم في جواب من قال له حدثكم فلان بكذا، قال بعضهم: فيه نظر ; لأن مسند إسحاق في آخره: وأقر به nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة وقال نعم.
قلت: فيه نظر ; لأن هذا المستدل إنما استدل بظاهر عبارة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري التي تساعده فيه على ما لا يخفى. وفيه أن شيخه مذكور بغير نسبة، ويحتمل وجه ذلك أنه روى هذا الحديث من هؤلاء الثلاثة المسمى كل منهم بإسحاق ، ولم ينسبه ليتناول الثلاثة ; لأنه أخرج عن الثلاثة عن nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة .
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا، عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من طريق الضحاك بن عثمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع : مسيرة ثلاث ليال، والتوفيق بين الروايتين أن المراد ثلاثة أيام بلياليها، وثلاث ليال بأيامها.
ذكر ما يستنبط منه:
احتج به nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه، وفقهاء أصحاب الحديث - على أن المحرم شرط في وجوب الحج على المرأة إذا كانت بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام ولياليها. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش .
فإن قلت: الحج لم يدخل في السفر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه محمول على الأسفار غير الواجبة، والحج فرض، فلا يدخل في هذا النهي.
قلت: النهي عام في كل سفر، ويؤيده ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، كلاهما عن سفيان ، قال أبو بكر حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن أبي معبد قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب: nindex.php?page=hadith&LINKID=659399لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك . ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يجيء في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي أيضا، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : أردت أن أحج بامرأتي، فقال [ ص: 127 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: احجج مع امرأتك . فدل ذلك على أنها لا ينبغي لها أن تحج إلا به، ولولا ذلك لقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما حاجتها إليك ; لأنها تخرج مع المسلمين، وأنت فامض لوجهك فيما اكتتبت، ففي ترك النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمره بذلك، وأمره أن يحج معها - دليل على أنها لا يصلح لها الحج إلا به. وروى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذا في " المحلى " بسنده كما مر، غير أن في لفظه: إني نذرت أن أخرج في جيش كذا، عوض قوله: إني اكتتبت في غزوة كذا، ثم قال: ولم يقل صلى الله عليه وسلم: لا تخرج إلى الحج إلا معك، ولا نهاها عن الحج، بل ألزمه ترك نذره في الجهاد، وألزمه الحج معها، فالفرض في ذلك عليه لا عليها.
قلت: إنما قال ذلك توجيها لمذهبه في أن المرأة تحج من غير زوج ومحرم، فإن كان لها زوج ففرض عليه أن يحج معها، وليس كما فهمه، بل الحديث في نفس الأمر حجة عليه ; لأنه لما قال له: فاخرج معها، وأمر بالخروج معها، فدل على عدم جواز سفرها إلا به، أو بمحرم، وإنما ألزمه بترك نذره لتعلق جواز سفرها به.
فإن قلت: ظاهر الحديث يدل على أن الزوج أو المحرم إذا امتنع عن الخروج معها في الحج أنه يجبر على ذلك، ومع هذا فأنتم تقولون: إذا امتنع الزوج أو المحرم لا يجبر عليه.
قلت: فليكن كذلك، فلا يضرنا هذا، وإنما قصدنا إثبات شرطية الزوج أو المحرم مع المرأة إذا أرادت الحج، على أن هذا الأمر ليس بأمر إلزام، وإنما نبه بذلك على أن المرأة لا تسافر إلا بزوجها، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : أن المرأة تسافر للحج الفرض بلا زوج ولا محرم، وإن كان بينها وبين مكة سفر أو لم يكن، وخصا النهي الوارد عن ذلك بالأسفار غير الواجبة.
ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، وسعيد بن كيسان ، وطائفة من الظاهرية : أنه يجوز سفر المرأة فيما دون البريد، فإذا كان بريدا فصاعدا، فليس لها أن تسافر إلا بمحرم، واحتجوا في ذلك بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=130أبو بكرة قال: حدثنا أبو عمر الضرير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر امرأة بريدا إلا مع زوج أو ذي محرم .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا، ولفظه: لا تسافر المرأة بريدا إلا مع ذي محرم .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود نحوه.
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، وقوم من الظاهرية إلى أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر مطلقا سواء كان السفر قريبا أو بعيدا إلا ومعها ذو محرم لها، واحتجوا في ذلك بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قال: حدثنا روح بن الفرج قال: حدثنا حامد بن يحيى قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=30257لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم . قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : اتفقت الآثار التي فيها مدة الثلاث كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم السفر ثلاثة أيام على المرأة بغير محرم.
واختلف فيما دون الثلاث، فنظرنا في ذلك، فوجدنا النهي عن السفر بلا محرم مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا - ثابتا بهذه الآثار كلها، وكان توقيته ثلاثة أيام في ذلك إباحة السفر دون الثلاث لها بغير محرم، ولولا ذلك لما كان لذكره الثلاث معنى، ولنهى نهيا مطلقا، ولم يتكلم بكلام يكون فصلا، ولكن ذكر الثلاث ليعلم أن ما دونها بخلافها، ثم ما روي عنه في منعها من السفر دون الثلاث من اليوم واليومين والبريد، فكل واحد من تلك الآثار ومن الأثر المروي في الثلاث متى كان بعد الذي خالفه شيخه، إن كان عن سفر اليوم بلا محرم بعد النهي عن سفر الثلاث بلا محرم فهو ناسخ، وإن كان خبر الثلاث هو المتأخر عنه فهو ناسخ، فقد ثبت أن أحد المعاني دون الثلاث ناسخة للثلاث، أو الثلاث ناسخة لها، فلم يخل خبر الثلاث من أحد وجهين: إما أن يكون هو المتقدم، أو يكون هو المتأخر، فإن كان هو المتقدم فقد أباح السفر بأقل من ثلاث بلا محرم، ثم جاء بعده النهي عن سفر ما هو دون الثلاث بغير محرم، فحرم ما حرم الحديث الأول وزاد عليه حرمة أخرى، وهي ما بينه وبين الثلاث، فوجب استعمال الثلاث على ما أوجبه الأثر المذكور فيه، وإن كان هو المتأخر وغيره المتقدم فهو ناسخ لما تقدمه، والذي تقدمه غير واجب العمل به، فحديث الثلاث واجب استعماله على الأحوال كلها، وما خالفه فقد يجب استعماله إن كان هو المتأخر، ولا يجب إن كان هو المتقدم، فالذي قد وجب علينا استعماله والأخذ به في كلا الوجهين أولى مما يجب استعماله في حال وتركه في حال، انتهى.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : وقوله في الرواية الواحدة عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : ثلاث ليال، وفي الأخرى: يومين، وفي الأخرى: أكثر من ثلاث، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ثلاث، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : مسيرة ليلة، وفي الأخرى عنه: يوم وليلة، وفي الأخرى عنه: ثلاث، وهذا كله ليس يتنافر ولا يختلف.
[ ص: 128 ] فيكون صلى الله عليه وسلم منع من ثلاث، ومن يومين، ومن يوم، أو يوم وليلة، وهو أقلها، وقد يكون قوله صلى الله عليه وسلم هذا في مواطن مختلفة ونوازل متفرقة، فحدث كل من سمعها بما بلغه منها وشاهده، وإن حدث بها واحد فحدث بها مرات على اختلاف ما سمعها، وبحسب اختلاف هذه الروايات اختلف الفقهاء في تقصير المسافر، وأقل السفر.
فإن قلت: حديث الباب الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الذي فيه تعيين ثلاثة أيام، وأنه ممنوع إلا بذي محرم، وقد روي عنه من قوله - خلاف ذلك.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15561بكر بن مضر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن بكير أن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا حدثه أنه كان يسافر مع nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مواليات له ليس معهن ذو محرم.
قلت: قد يجوز أن يكون سفرهن بغير محرم هو السفر الذي لم يدخل فيما نهى عنه صلى الله عليه وسلم.
قوله " مواليات " بضم الميم أي نساء مواليات من الموالاة، وعقد الموالاة أن يسلم رجل على يد آخر فيواليه فيقول أنت مولاي ترثني إذا مت وتعقل عني إذا جنيت، فهذا عقد صحيح، وكذا لو أسلم على يد رجل ووالى غيره.
فإن قلت: روي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تسافر بغير محرم، فأخذ به جماعة، وجوزوا سفرها بغير محرم.
قلت: كان الناس nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة محرما ; لأنها أم المؤمنين، فمع أيهم سافرت فقد سافرت بمحرم، وليس الناس لغيرها من النساء كذلك، وهذا الجواب من nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه.