صفحة جزء
1099 180 - حدثنا أبو معمر، قال: حدثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: ما هذا الحبل ؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد.


مطابقته للترجمة، وهو إنكاره صلى الله عليه وسلم على فعل زينب في شدها الحبل لتتعلق عند الفتور.

(ذكر رجاله) وهم أربعة:

الأول: أبو معمر بفتح الميمين، واسمه عبد الله بن عمرو المنقري المقعد .

الثاني: عبد الوارث بن سعيد التنوري أبو عبيدة .

الثالث: عبد العزيز بن صهيب البناني الأعمى .

الرابع: أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم.

(ذكر لطائف إسناده): فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه القول في ثلاثة مواضع، وفيه أن رجاله كلهم بصريون ، وفيه أن شيخه مذكور بكنيته، وشيخ شيخه مذكور بلا نسبة.

(ذكر من أخرجه غيره): أخرجه مسلم في "الصلاة" أيضا عن شيبان بن فروخ ، وأخرجه النسائي وابن ماجه كلاهما فيه عن عمران بن موسى ، وذكر الحميدي هذا الحديث من أفراد البخاري ، وليس كذلك، فإن مسلما أيضا أخرجه كما ذكرنا.

(ذكر معناه):

قوله: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم) أي المسجد، وكذا في رواية مسلم .

قوله: (فإذا حبل) كلمة إذا للمفاجأة.

قوله: (بين الساريتين) أي الأسطوانتين وكأنهما كانتا معهودتين، فلذلك ذكرهما بالألف واللام التي للعهد، وفي رواية مسلم (بين ساريتين) بلا ألف ولام.

قوله: ( لزينب ) ذكر الخطيب في مبهماته أن زينب هذه هي زينب بنت جحش الأسدية المدنية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي أنزل الله تعالى في شأنها: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ماتت سنة عشرين، وتبعه الكرماني ، وذكره هكذا، وقال صاحب التوضيح: إن ابن أبي شيبة رواه كذلك، وليس في مسنده ولا في مصنفه غير ذكر زينب مجردة، وروى أبو داود هذا الحديث عن شيخين له، عن إسماعيل بن علية فقال أحدهما: زينب ولم ينسبها، وقال الآخر: حمنة بنت جحش ، وهي أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وروى أحمد من طريق حماد، عن حميد ، عن أنس أنها حمنة بنت جحش ، ووقع في صحيح ابن خزيمة من طريق شعبة عن عبد العزيز فقالوا: ميمونة بنت الحارث ، وهي رواية شاذة. (قلت): لا مانع من تعدد القضية.

قوله: (فإذا فترت) بفتح الفاء والتاء المثناة من فوق، أي إذا كسلت عن القيام، تعلقت أي بالحبل، وفي رواية مسلم : (فإذا فترت أو كسلت) بالشك.

قوله: (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا) يحتمل أن تكون كلمة (لا) هذه للنفي، أي لا يكون هذا الحبل أو لا يمد، ويحتمل أن تكون للنهي أي لا تفعلوه وسقطت هذه الكلمة في رواية مسلم .

قوله: (حلوه) بضم الحاء واللام المشددة أمر للجماعة من الحل.

قوله: (ليصل) بكسر اللام.

قوله: (نشاطه) بفتح النون أي ليصل أحدكم مدة نشاطه فيكون انتصابه بنزع الخافض، وروي (بنشاطه) أي ملتبسا به.

قوله: (فإذا فتر فليقعد) ، وفي رواية أبي داود : [ ص: 209 ] (فإذا كسل أو فتر فليقعد) ظاهر السياق يدل على أن المعنى أنه إذا عيي عن القيام وهو يصلي فليقعد، فيستفاد منه جواز القعود في أثناء الصلاة بعد افتتاحها قائما، وقال بعضهم: ويحتمل أن يكون أمر بالقعود عن الصلاة يعني ترك ما عزم عليه من التنفل. (قلت): هذا احتمال بعيد غير ناشئ عن دليل، وظاهر الكلام ينافيه.

(ذكر ما يستفاد منه) فيه الحث على الاقتصاد في العبادة والنهي عن التعمق ، والأمر بالإقبال عليها بنشاطه، وفيه أنه إذا فتر في الصلاة يقعد حتى يذهب عنه الفتور، وفيه إزالة المنكر باليد لمن يتمكن منه ، وفيه جواز تنفل النساء في المسجد ; فإن زينب كانت تصلي فيه فلم ينكر عليها، وفيه كراهة التعلق بالحبل في الصلاة، وفيه دليل على أن الصلاة جميع الليل مكروهة، وهو مذهب الجمهور، وروي عن جماعة من السلف أنه لا بأس به، وهو رواية عن مالك رحمه الله تعالى إذا لم ينم عن الصبح.

التالي السابق


الخدمات العلمية