أي هذا باب ، والباب منون ، والمعنى : هذا باب في بيان كيفية قبض العلم ، وكيف يستعمل في الكلام على وجهين : أحدهما أن يكون شرطا فيقتضي فعلين متفقي اللفظ والمعنى غير مجزومين نحو كيف تصنع أصنع ، ولا يجوز كيف تجلس أذهب باتفاق ، ولا كيف تجلس أجلس بالجزم عند البصريين إلا قطربا ، والآخر وهو الغالب فيها أن تكون استفهاما إما حقيقيا نحو كيف زيد ، أو غيره نحو كيف تكفرون بالله الآية ، فإنه أخرج مخرج التعجب ، والقبض نقيض البسط والمراد منه الرفع والانطواء كما يراد من البسط الانتشار .
وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب السابق الحرص على الحديث الذي هو من أشرف أنواع العلوم ، والمذكور في هذا الباب ارتفاع العلوم فبينهما تقابل فتناسقا من هذه الجهة ، وإنما ذكر هذا الباب عقيب الباب السابق تنبيها على أن يهتم بتحصيل العلوم مع الحرص عليها لأنها مما تقبض وترفع فتستدرك غنائمها قبل فواتها .