علل الرياء في الصدقة بقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إلى آخره ، فإن الله تعالى شبه الذي يبطل صدقته بالمن والأذى بالذي ينفق ماله رئاء الناس ، ولا شك أن الذي يرائي في صدقته أسوأ حالا من المتصدق بالمن ; لأنه قد علم أن المشبه به يكون أقوى حالا من المشبه ، ولهذا قال في حق المرائي : ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ، ثم ضرب مثل ذلك المرائي بإنفاقه ، بقوله : فمثله كمثل صفوان إلى آخره ، ثم إن صدر الآية خطاب للمؤمنين ، خاطبهم بقوله : لا تبطلوا صدقاتكم أي : ثواب صدقاتكم وأجور نفقاتكم .
ولما خاطبهم بهذا الخطاب ونهاهم عن إبطال صدقاتهم بالمن والأذى شبه إبطالهم بإبطال المنافق الذي ينفق ماله رئاء الناس ، لا يريد بإنفاقه رضى الله تعالى عنه ، ولا ثواب الآخرة ، ثم مثل ذلك بصفوان ، وهو الحجر الأملس عليه تراب فأصابه وابل أي : مطر شديد عظيم القدر فتركه صلدا وهو الأملس الذي لا ينبت عليه شيء ، ثم قال : لا يقدرون على شيء مما كسبوا أي : لا يجدون يوم القيامة ثواب شيء مما عملوا كما لا يحصل النبات من الأرض الصلدة أو من التراب الذي على الصفوان ، ثم قال : والله لا يهدي القوم الكافرين أي : لا يخلق لهم الهداية ، ولا يهديهم غدا لطريق الجنة ، شبه الكافر بالصفوان وعمله بالتراب .