أي : هذا باب في بيان الحياء في العلم ، والحياء ممدود وهو تغير وانكسار يعتري الإنسان عند خوف ما يعاب أو يذم ، وقد مر الكلام فيه مستوفى .
فإن قلت : ما مراده بالحياء في العلم استعماله فيه أو تركه ؟
قلت : مراده كلاهما ، ولكن بحسب الموضع ، فاستعماله مطلوب في موضع ، وتركه مطلوب في موضع ، فالأول هو الذي أشار إليه بحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما ، والثاني هو الذي أشار إليه بالأثر المروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة رضي الله عنهما ، فالحياء في القسم الأول ممدوح ، وفي الثاني مذموم ، ولكن إطلاق الحياء على هذا القسم بطريق المجاز لأنه ليس بحياء حقيقة ، وإنما هو عجز وكسل ، وسمي حياء لشبهه بالحياء الحقيقي في الترك فافهم .
فإن قلت : ما المناسبة بين البابين ؟
قلت : من حيث إنه لما كان المذكور في الباب السابق تخصيص قوم دون قوم بالعلم لمعنى ذكر فيه ذكر هذا الباب عقيبه تنبيها على أنه لا ينبغي لأحد أن يستحي من السؤال مما له فيه حاجة ، زاعما أن العلم مخصوص بقوم دون قوم بل عليه أن يسأل عن كل ما لا يعلمه من أمر دينه ودنياه .