مطابقته للترجمة في الجزء الأخير منها وهو قوله: "وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي" في قوله: "فأمر النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 196 ] من لم يكن ساق الهدي أن يحل" أي من الحج إلى العمرة، وهذا هو فسخ الحج.
ورجاله قد ذكروا في (باب من سأل في كتاب العلم) وعثمان هو ابن أبي شيبة، وجرير -بفتح الجيم - ابن عبد الحميد، nindex.php?page=showalam&ids=17152ومنصور بن المعتمر، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي، nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن يزيد خال إبراهيم، وكلهم كوفيون.
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا عن أبي النعمان، عن nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الحج أيضا، عن nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير به.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة به.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه عن محمد بن قدامة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير به.
(ذكر معناه):
قوله: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم) وكان خروجهم في أشهر الحج، كما قد بينه في الحديث الذي مضى في الباب السابق.
قوله: (ولا نرى) بضم النون أي ولا نظن.
وقال ابن التين: ضبطه بعضهم بفتح النون وبعضهم بضمها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: كان هذا قبل أن يعلمن بأحكام الإحرام وأنواعه.
وقيل: يحتمل أن ذلك كان اعتقادها من قبل أن تهل، ثم أهلت بعمرة، ويحتمل أن تريد بقولها (لا نرى) حكاية عن فعل غيرها من الصحابة، وهم كانوا لا يعرفون غيره، وزعم nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض أنها كانت أحرمت بالحج ثم أحرمت بالعمرة ثم أحرمت بالحج، ويدل على أن المراد بقولها: "لا نرى إلا الحج" من فعل غيرها.
قوله: (فلما قدمنا تطوفنا بالبيت) تعني بذلك النبي صلى الله عليه وسلم والناس غيرها؛ لأنها لم تطف بالبيت في ذلك الوقت لأجل حيضها، وفي رواية أبي الأسود عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: (خرجنا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مهلين بالحج) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم عنها: (لا نذكر إلا الحج) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أيضا كذلك، وقد مضت في كتاب الحيض، وله أيضا من هذا الوجه (لبينا بالحج) وظاهر هذا يقتضي أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة كانت مع الصحابة أولا محرمين بالحج، لكن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عنها هنا (فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج).
فإن قلت: ما وجه هذا؟ قلت: يحمل الأول على أنها ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحج، فيخرجون لا يعرفون إلا الحج، فلذلك قالت: (مهلين بالحج) ولا نرى إلا أنه الحج، ثم بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم وجوه الإحرام، وجوز لهم الاعتمار في أشهر الحج.
فإن قلت: قد مر في كتاب الحيض أنها قالت: أهللت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فكنت فيمن تمتع ولم يسق الهدي.
قلت: الجواب عنه ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض الذي قد ذكرناه آنفا، وكذلك الجواب عن قولها: (وكنت ممن أهل بعمرة) وقد مضى في كتاب الحيض، وسيأتي في المغازي.
وادعى nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي وغيره أن هذا غلط من nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، وأن الصواب رواية nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة عنها أنها أهلت بالحج مفردا، ورد عليه بأن قول nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة صريح أنها أهلت بعمرة، وقول nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود وغيره عنها: "لا نرى إلا الحج" فليس بصريح في إهلالها بحج مفرد، فالجمع بينهما بما ذكرناه، فلا يحتاج إلى تغليط nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، وهو أعلم الناس بحديثها.
قوله: (أن يحل) أي بأن يحل من الحج، وهو بضم الياء من الإحلال، وهو الخروج من الإحرام، قال الكرماني: ويروى بأن يحل بفتح الياء، أي يصير حلالا، والأول يناسب قولها: (فأحللن) والثاني يناسب قولها: (فحل).
فإن قلت: قوله: (فأمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) الفاء فيه تقتضي التعقيب، فتدل على أن الأمر كان بعد الطواف، مع أنه قد سبق الأمر بهذا.
قلت: أجاب الكرماني أنه قال مرتين قبل القدوم وبعده، فالثاني تكرار للأول وتأكيد له.
قوله: (ونساؤه لم يسقن) أي نساء النبي صلى الله عليه وسلم لم يسقن الهدي، فلذلك أحللن.
قوله: (فلم أطف) قال الكرماني: هذا مناف لقوله: (تطوفنا) ثم أجاب بقوله: المراد بلفظ الجمع الصحابة، وهذا تخصيص لذلك العام.
قلت: قد ذكرنا أنها تعني النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه؛ لأنها لم تطف ولم تدخل نفسها فيهم، فكيف يكون تخصيصا لذلك العام.
ثم قال أيضا: فكيف صح حجها بدون الطواف؟ فأجاب بأنه ليس المراد طواف ركن الحج، بدليل قولها في حديث الباب السابق: (ثم خرجت من منى فأفضت بالبيت).
قوله: (ليلة الحصبة) أي الليلة التي بعد ليالي التشريق، التي ينزل الحجاج فيها في المحصب، والمشهور في الحصبة سكون الصاد، وجاء فتحها وكسرها، وهي أرض ذات حصى.
قوله: (وأرجع أنا بحجة) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15086الكشميهني: (وأرجع لي بحجة) قال الكرماني: فما قول من قال: إنها كانت قارنة؟ فأجاب بقوله: إنهم يرجعون بحج منفرد وأرجع ليس لي عمرة منفردة.
قوله: (قالت nindex.php?page=showalam&ids=199صفية) هي أم المؤمنين، سبقت في باب المرأة تحيض بعد الإفاضة.
قوله: (ما أراني) أي ما أظن نفسي إلا حابسة القوم عن التوجه إلى المدينة؛ لأني حضت وما طفت بالبيت، فلعلهم بسببي [ ص: 197 ] يتوقفون إلى زمان طوافي بعد الطهارة، وإسناد الحبس إليها على سبيل المجاز.
قوله: (عقرى حلقى) قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: معناه عقرها الله وأصابها وجع في حلقها، هذا على ما يرويه المحدثون، والصواب: عقرا وحلقا، أي مصدرين بالتنوين فيهما، وقيل له: لم لا يجوز فعلى؟ قال: لأن فعلى يجيء نعتا ولم يجئ في الدعاء وهذا دعاء.
وقال صاحب المحكم: معناه عقرها الله وحلق شعرها، أو أصابها في حلقها بالوجع، فعقرى هاهنا مصدر كدعوى.
وقيل: معناه تعقر قومها وتحلقهم بشؤمها، وهو جمع عقير، وهو مثل جريح وجرحى لفظا ومعنى.
وقيل: عقرى عاقر لا تلد، وحلقى أي مشؤومة، قال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي: يقال أصبحت أمه حالقا أي ثاكلا. وقال النووي: وعلى الأقوال كلها هي كلمة اتسعت فيها العرب، فصارت تلفظها ولا تريد بها حقيقة معناها التي وضعت له، كتربت يداه، وقاتله الله، قال: إن المحدثين يروونه بالألف التي هي ألف التأنيث ويكتبونه بالياء ولا ينونونه.
وقيل: معناه مشؤومة مؤذية. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي: يقال ذلك لأمر يعجب منه، ويقال: امرأة حالق إذا حلقت قومها بشؤمها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: يريد أنت طويلة اللسان لما كلمته بما يكره، وهو مأخوذ من الحلق الذي يخرج منه الكلام.
قوله: (انفري) بكسر الفاء، أي ارجعي واذهبي؛ إذ لا حاجة لك إلى طواف الوداع؛ لأنه ساقط عن الحائض.
قوله: (فلقيني النبي صلى الله عليه وسلم) إلى آخره، الواو في قوله: (وهو مصعد) للحال، وكذا الواو في قوله: (وأنا منهبطة) إنما حكت الأمر على وجهه، وشك المحدث أي الكلمتين قالت، وإنما لقيها وهو يريد المحصب وهو يهبط إلى مكة، والمصعد في اللغة المبتدئ في السير، والصاعد الراقي إلى الأعلى من الأسفل.
ذكر فوائد فيه:
ذكر الحج والتمتع، فالحج إذا ذكر مطلقا يتناول المفرد وغيره من التمتع والقران، والتمتع الجمع بين الحج والعمرة، يتحلل بينهما إن لم يكن سائقا للهدي.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: المتعة والمتعة ضم العمرة إلى الحج، وقد تمتع واستمتع.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14986القزاز في جامعه: المتعة هو أن يدخل الرجل مكة في أشهر الحج بعمرة، ثم يقيم فيها حتى يحج وقد خرج من إحرامه وتمتع بالنساء والطيب.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12570ابن الأثير: التمتع الترفق بأداء النسكين على وجه الصحة في سفرة واحدة من غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا، ولهذا لم يتحقق من المكي.
وقيل: سمي تمتعا؛ لأنهم يتمتعون بالنساء والطيب بين العمرة والحج، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وآخرون.
والمحرمون عشرة: مفرد بالحج، مفرد بالعمرة، قارن متمتع، مطلق، متطوع بحج، متطوع بعمرة، متطوع بقران، متمتع، مطلق، معلق يعني كإحرام فلان، والكل جائز عند أهل العلم كافة، إلا ما روي عن أميري المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان رضي الله تعالى عنهما أنهما كانا ينهيان عن التمتع. وقيل: كان نهي تنزيه. وقيل: إنما نهيا عن فسخ الحج إلى العمرة؛ لأن ذلك كان خاصا بالصحابة.
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إلى جواز فسخ الحج إلى العمرة، وقد استقصينا الكلام في الأفضل من الإفراد والتمتع والقران عن قريب.