أي : هذا باب في بيان ذكر اسم الله تعالى على كل حال ، يعني سواء كان طاهرا أو محدثا أو جنبا ، والتسمية هي قول "باسم الله" ، قوله : « وعند الوقاع " أي : الجماع .
فإن قلت : قوله : « على كل حال " يشمل حال الوقاع وغيره ، فما فائدة تخصيصه بالذكر ؟ قلت : للاهتمام به ; لأن حالة الوقاع تخالف سائر أحوال الأشياء ، ولأنه هو المذكور في حديث الباب ، وقال بعضهم : وليس العموم ظاهرا من المراد الذي أورده ; لكن يستفاد من باب الأولى أنه إذا شرع في حالة الجماع ، وهي مما أمر فيه بالصمت فغيره أولى . قلت : ليت شعري ما معنى هذا الكلام ، فمن تأمل كلامه وجده في غاية الوهاء .
فإن قلت : ما وجه المناسبة بين البابين .
قلت : قد ذكرت لك ما قاله الكرماني من أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لا يراعي حسن الترتيب ، وجملة قصده إنما هو في نقل الحديث وتصحيحه لا غير ، وقد ذكرت لك ما يرد هذا الكلام ، فالمتأمل فيه إذا أمعن في نظره عرف وجوه المناسبات بين الأبواب ، وإن كان الوجه في بعض المواضع يوجد ببعض التكلف ، فنقول : لما ذكر كتاب الوضوء عقيب كتاب العلم للمناسبة التي ذكرناها هناك ذكر عقيبه ستة أبواب ليس فيها شيء من أوصاف الوضوء ، وإنما هي كالمقدمات لها ، ثم ذكر الباب السابع الذي فيه صفة الوضوء ، وكان ينبغي أن يذكره بعد ذكر أبواب الاستنجاء في أثناء الأبواب التي يذكر فيها صفات الوضوء ، ولكنه ذكره عقيب الباب السادس بطريق الاستطراد والاستتباع للمعنى الذي ذكرناه ، ثم شرع يذكر أبواب الاستنجاء ، وبعدها أبواب صفات الوضوء على ما يقتضيه الترتيب ، وقدم باب التسمية على الجميع ; لأن المتوضئ أولا يستنجئ ، فبالضرورة قدم أبواب الاستنجاء على أبواب الوضوء ، ثم لا بد أن يقدم التسمية قبل كل شيء ; لأنا أمرنا أن نسمي الله تعالى في ابتداء كل أمر ذي بال ليقع المبدوء به مبروكا ببركة اسم الله تعالى ، فبالضرورة قدم باب التسمية .