النوع الثاني: في تفسيره شرعا، وهو أن يضرب صفحة سنامها اليمنى بحديدة حتى تتلطخ بالدم ظاهرا، ولا نظر إلى ما فيه من الإيلام؛ لأنه لا منع إلا ما منعه الشرع، وذكر القزاز: أشعرها إشعارا وإشعارها؛ أن يوجأ أصل سنامها بسكين، سميت بما حل فيها؛ وذلك لأن الذي فعل بها علامة تعرف بها، وفي المحكم: هو أن يشق جلدها أو يطعنها حتى يظهر الدم، وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13441ابن قرقول أن إشعارها هو تعليمها بعلامة بشق جلد سنامها عرضا من الجانب الأيمن، هذا عند الحجازيين، وأما العراقيون فالإشعار عندهم تقليدها بقلادة، وقيل: الإشعار أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل دم، ثم يسلته فيكون ذلك علامة على كونها هديا.
النوع الثالث: في كيفية الإشعار والاختلاف الذي فيها، قال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ومحمد: كيفية الإشعار أن يطعنها في أسفل سنامها من الجانب الأيسر حتى يسيل الدم، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في قول: الأيمن، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14486السفاقسي: إذا كانت البدنة ذللا أشعرها من الأيسر، وإن كانت صعبة قرن بدنتين، ثم قام بينهما وأشعر إحداهما من الأيمن، والأخرى من الأيسر. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة: وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من الجانب الأيسر؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فعله وبه قال مالك، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد يقول: كانوا يستحبون الإشعار في الجانب الأيسر، وفي شرح الموطأ للإشبيلي: وجائز الإشعار في الجانب الأيمن، وفي الجانب الأيسر، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما ربما فعل هذا وربما فعل هذا، وأكثر أهل العلم يستحبون في الجانب الأيمن؛ منهم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإسحاق لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=673413أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها اليمنى، ثم سلت الدم عنها وقلدها بنعلين، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم. وعند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: ثم سلت الدم بيده، وفي لفظ: ثم سلت الدم بإصبعه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: يشعر طولا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14486السفاقسي: عرضا، والعرض عرض السنام من العنق إلى الذنب، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: أشعر من حيث شئت، ثم قال: والإشعار طولا في شق البعير أخذا من جهة مقدم البعير إلى جهة عجزه، فيكون مجرى الدم عريضا فيتبين الإشعار، ولو كان مع عرض البعير كان مجرى الدم يسيرا خفيفا لا يقع به مقصود الإعلان بالهدي.
(النوع الرابع) في صفة الإشعار: ذهب جمهور العلماء إلى أن الإشعار سنة، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه بأسانيد جيدة، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : إن شئت فأشعر، وإن شئت فلا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في المحلى: قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: أكره الإشعار وهو مثلة وقال: هذه طامة من طوام العالم أن يكون مثلة شيء فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أف لكل عقل يتعقب حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويلزمه أن تكون الحجامة وفتح العرق مثلة فيمنع من ذلك، وهذه قولة لا نعلم nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة فيها متقدما من السلف ولا موافقا من فقهاء عصره إلا من ابتلاه الله تعالى بتقليده. (قلت): هذا سفاهة وقلة حياء؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي الذي هو أعلم الناس بمذاهب الفقهاء، ولا سيما بمذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ذكر أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة لم يكره أصل الإشعار ولا كونه سنة، وإنما كره ما يفعل على وجه يخاف منه هلاكها لسراية الجرح لا سيما في حر الحجاز مع الطعن بالسنان أو الشفرة، فأراد سد الباب على العامة؛ لأنهم لا يراعون الحد في ذلك، وأما من وقف على الحد فقطع الجلد دون اللحم فلا يكرهه، وذكر الكرماني صاحب المناسك عنه استحسانه، قال: وهو الأصح لا سيما إذا كان بمبضع ونحوه، فيصير كالفصد والحجامة.
وأما قوله: وهذه قولة لا نعلم nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة فيها متقدم من السلف فقول فاسد؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ذكر أن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي أيضا لا يرى بالإشعار، ولما روى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=663200أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قلد نعلين وأشعر الهدي في الشق الأيمن بذي الحليفة [ ص: 36 ] وأماط عنه الدم، قال: سمعت يوسف بن عيسى يقول: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا يقول حين روى هذا الحديث: لا تنظروا إلى قول أهل الرأي في هذا، فإن الإشعار سنة وقولهم بدعة، قال: وسمعت أبا السائب يقول: كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع فقال لرجل ممن ينظر في الرأي: أشعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: هو مثلة، قال الرجل: فإنه قد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي أنه قال: الإشعار مثلة، قال: فرأيت nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا غضب غضبا شديدا، وقال: أقول لك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وتقول: قال إبراهيم، ما أحقك بأن تحبس، ثم لا تخرج حتى تنزع عن قولك هذا. انتهى.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: لا أعلم أحدا يكره الإشعار إلا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة، قال: وخالفه صاحباه وقالا بقول عامة أهل العلم. (قلت): الجواب عما نقله nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، وعما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي، وعن قول كل من يتعقب على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة بمثل هذا يحصل مما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي، وقد رأيت كل ما ذكره، وفيه أريحية العصبية والحط على من لا يجوز الحط عليه، وحاشا من أهل الإنصاف أن يصدر منهم ما لا يليق ذكره في حق الأئمة الأجلاء على أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة قال: لا أتبع الرأي والقياس إلا إذا لم أظفر بشيء من الكتاب أو السنة أو الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهذا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة رضي الله تعالى عنهم قد خير صاحب الهدي في الإشعار وتركه على ما ذكرناه عن قريب، وهذا يشعر منهما أنهما كانا لا يريان الإشعار سنة ولا مستحبا.
(النوع الخامس) في الحكمة في الإشعار؛ منها: أن البدنة التي أشعرت إذا اختلطت بغيرها تميزت، وإذا ضلت عرفت، ومنها: أن السارق ربما ارتدع فتركها، ومنها: أنها قد تعطب فتنحر، فإذا رأى المساكين عليها العلامة أكلوها وأنهم يتبعونها إلى المنحر لينالوا منها، ومنها: أن فيها تعظيم شعار الشرع وحث الغير عليه.
النوع السادس: أن الإشعار مختص بالإبل أم لا؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: اختلفوا في إشعار البقرة، فكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يشعر في أسنمتها، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب - رضي الله تعالى عنه- أيضا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: تقلد وتشعر، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: تشعر التي لها سنام وتقلد، ولا تشعر التي لا سنام لها، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: تقلد ولا تشعر، وأما الغنم فلا يسن إشعارها؛ لضعفها، ولأن صوفها يستر موضع الإشعار، وقال ابن التين: وما علمت أحدا ذكر الخلاف في البقرة المسمنة إلا الشيخ أبا إسحاق، وما أراه موجودا.
النوع السابع في التقليد، وهو سنة بالإجماع، وهو تعليق نعل أو جلد ليكون علامة الهدي، وقال أصحابنا: لو قلد بعروة مزادة، أو لحى شجرة أو شبه ذلك جاز؛ لحصول العلامة، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والثوري إلى أنها تقلد بنعلين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك: يجزئ واحدة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري: يجزئ فم القربة، ونعلان أفضل لمن وجدهما.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: غرض nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من هذه الترجمة أن يبين أن المستحب أن لا يشعر المحرم ولا يقلد إلا في ميقات بلده، وقيل: الذي يظهر أن غرضه الإشارة إلى رد قول nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، فإنه قال: لا يشعر حتى يحرم، وهو عكس ما في الترجمة.