أي : هذا باب فيه بيان حكم مس الذكر باليمين وقت البول ، وباب منون غير مضاف ، ووجه المناسبة بين البابين ظاهر ، وقال بعضهم : أشار بهذه الترجمة إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين ، كما في الباب الذي قبله محمول على المقيد بحالة البول فيكون ما عداه مباحا . قلت : هذا كلام فيه خباط ; لأن الحاصل من معنى الحديثين واحد ، وكلاهما مقيد ، أما الأول : فلأن إتيان الخلاء في قوله : « إذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه " كناية عن التبول ، والمعنى إذا بال أحدكم فلا يمس [ ص: 297 ] ذكره بيمينه والجزاء قيد الشرط ، وأما الثاني : فهو صريح بالقيد ، وكلاهما واحد في الحقيقة ، فكيف يقول هذا القائل أن ذلك المطلق محمول على المقيد والمفهوم منهما جميعا النهي عن مس الذكر باليمين عند البول ، فلا يدل على منعه عند غير البول ، ولا سيما جاء في الحديث ما يدل على الإباحة ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام لطلق بن علي حين nindex.php?page=hadith&LINKID=883647سأله عن مس الذكر : "إنما هو بضعة منك" ، فهذا يدل على الجواز في كل حال ، ولكن خرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح ، وما عدا ذلك فقد بقي على الإباحة فافهم .
فإن قلت : فما فائدة تخصيص النهي بحالة البول . قلت : ما قرب من الشيء يأخذ حكمه ، ولما منع الاستنجاء باليمين منع مس آلته حسما للمادة .
فإن قلت : إذا كان الأمر على ما ذكرت من الرد على القائل المذكور فما فائدة ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بالحديث في بابين ، ولم يكتف بباب واحد ؟ قلت : فائدته من وجوه ; الأول : التنبيه على اختلاف الإسناد ، الثاني : التنبيه على الاختلاف الواقع في لفظ المتن ; فإن في السند الأول nindex.php?page=hadith&LINKID=650149 "إذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه" ، وفي الإسناد الثاني nindex.php?page=hadith&LINKID=650150 "إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه" ولا يخفى التفاوت الذي بين إذا أتى الخلاء وبين إذا بال وبين فلا يمس ذكره وفلا يأخذن ذكره أيضا ، ففي الحديث الأول : ولا يتمسح بيمينه ، وفي هذا الحديث : ولا يستنجي بيمينه ، وهذا يفسر ذاك فافهم ، الثالث : أنه عقد الباب الأول على الحكم الثالث من الحديث ، وهو كراهة الاستنجاء باليمين ، وعقد هذا الباب على الحكم الأول ، وهو كراهة مس الذكر عند البول ، ومن أبين الدلائل على هذا الوجه أنه عقد بابا آخر في الأشربة على الحكم الأول ، وهو كراهة التنفس في الإناء .