(ذكر رجاله) وهم أربعة؛ الأول: nindex.php?page=showalam&ids=16272أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي.
الثاني: ثابت، بالثاء المثلثة في أوله، ابن يزيد، من الزيادة، مر في باب ميمنة المسجد.
الثالث: nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن، وقد مر في باب الأذان.
الرابع: nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه.
(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه أن رواته كلهم بصريون، وفيه أن ثابتا يقال له: الأحول، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم بن سليمان الأحول، وفيه عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد، عن عاصم.
قلت nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس: وفي الاعتصام سألت nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا، وكذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وفيه أنه من الرباعيات.
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الاعتصام، عن nindex.php?page=showalam&ids=13941موسى بن إسماعيل، عن nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في المناسك، عن عامر بن عمر، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب.
(ذكر معناه) قوله: " المدينة حرم" ؛ أي: محرمة لا تنتهك حرمتها، قوله: " من كذا إلى كذا" هكذا جاء من غير بيان، وسيأتي في هذا الباب عن علي: ما بين عائر إلى كذا، وذكره في الجزية وغيرها بلفظ: عير، وهو جبل بالمدينة، وقال ابن المنير: قوله: من عير إلى كذا؛ سكت عن النهاية، وقد جاء في طريق آخر: " ما بين عير إلى ثور"، وقال: والظاهر أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أسقطها عمدا؛ لأن أهل المدينة ينكرون أن يكون بها جبل يسمى ثورا، وإنما ثور بمكة، فلما تحقق عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه وهم أسقطه، وذكر بقية الحديث وهو مقيد؛ يعني بقوله: " من عير إلى كذا" إذ البداءة يتعلق بها حكم فلا يترك لإشكال سنح في حكم النهاية. انتهى.
وقد أنكر مصعب الزهري وغيره هاتين الكلمتين؛ أعني عيرا وثورا، وقالوا: ليس بالمدينة عير ولا ثور، وقال مصعب: عير بمكة، ومنهم من ترك مكانه بياضا إذا اعتقدوا الخطأ في ذكره، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: كان الحديث: من عير إلى أحد.
(قلت): اتفقت روايات nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كلها على إبهام الثاني، ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: إلى ثور، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: قوله: " ما بين عير إلى ثور" ؛ هذه رواية أهل العراق، وأما أهل المدينة فلا يعرفون جبلا عندهم يقال له: ثور، وإنما ثور بمكة، ونرى أن أصل الحديث: "ما بين عير إلى أحد"، وقد وقع ذلك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: لا معنى لإنكار عير بالمدينة، فإنه معروف، وفي المحكم والمثلث: عير: اسم جبل بقرب المدينة معروف.
وقال المحب الطبري في الأحكام بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه: قد أخبرني الثقة العالم أبو محمد عبد السلام البصري أن حذاء أحد عن يساره جانحا إلى ورائه جبل صغير يقال له: ثور، وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض، وما فيها من الجبال، فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور، وتواردوا على ذلك، قال: فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح، وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته، وعدم بحثهم عنه، وذكر الشيخ قطب الدين الحلبي رحمه الله في شرحه: حكى لنا شيخنا الإمام أبو محمد عبد السلام بن مزروع البصري أنه خرج رسولا إلى العراق، فلما رجع إلى المدينة كان معه دليل، فكان يذكر له الأماكن والجبال، قال: فلما وصلنا إلى أحد إذا بقربه جبيل صغير، فسألته عنه فقال: هذا يسمى ثورا، قال: فعلمت صحة الرواية.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة: يحتمل أن يكون مراد النبي صلى الله عليه وسلم مقدار ما بين عير وثور، لا أنهما بعينهما في المدينة، أو سمى النبي صلى الله عليه وسلم الجبلين اللذين نظر في المدينة عيرا وثورا تحرزا وارتجالا.
(قلت): العير بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف، وثور بفتح الثاء المثلثة وسكون الواو، ويروى: ما بين عائر إلى كذا، بألف بعد العين. قوله: " nindex.php?page=hadith&LINKID=651734لا يقطع شجرها" وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون: " nindex.php?page=hadith&LINKID=651262لا يختلى خلاها"، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=74500لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها". قوله: " ولا يحدث" بلفظ المعلوم والمجهول؛ أي: لا يعمل فيها عمل مخالف للكتاب والسنة، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة فيه، عن عاصم عند nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة: " nindex.php?page=hadith&LINKID=651737أو آوى محدثا " وهذه الزيادة صحيحة، إلا أن عاصما لم يسمعها من nindex.php?page=showalam&ids=9أنس. قوله: " حدثا" هو الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة، والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها، على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: من [ ص: 229 ] نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه، والفتح هو الأمر المبتدع نفسه. قوله: " فعليه لعنة الله.." إلى آخره، هذا وعيد شديد لمن ارتكب هذا، قالوا: المراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه، والطرد عن الجنة؛ لأن اللعن في اللغة هو الطرد والإبعاد، وليس هي كلعنة الكفار الذين يبعدون من رحمة الله تعالى كل الإبعاد.
(ذكر ما يستفاد منه) احتج بهذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=12493محمد بن أبي ذئب، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وإسحاق، وقالوا: المدينة لها حرم فلا يجوز قطع شجرها ولا أخذ صيدها، ولكنه لا يجب الجزاء فيه عندهم، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=12493لابن أبي ذئب، فإنه قال: يجب الجزاء، وكذلك لا يحل سلب من يفعل ذلك عندهم إلا عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وقال في القديم: من اصطاد في المدينة صيدا أخذ سلبه، ويروي فيه أثرا عن سعيد، وقال في الجديد بخلافه، وقال ابن نافع: سئل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن قطع سدر المدينة وما جاء فيه من النهي، فقال: إنما نهي عن قطع سدر المدينة؛ لئلا توحش، وليبقى فيها شجرها، ويستأنس بذلك ويستظل به من هاجر إليها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، وعبد الله بن المبارك، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف، ومحمد: ليس للمدينة حرم كما كان لمكة، فلا يمنع أحد من أخذ صيدها وقطع شجرها، وأجابوا عن الحديث المذكور بأنه صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك لا لأنه لما ذكروه من تحريم صيد المدينة وشجرها، بل إنما أراد بذلك بقاء زينة المدينة؛ ليستطيبوها ويألفوها، كما ذكرنا عن قريب، عن ابن نافع، سئل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن قطع سدر المدينة.. إلى آخره؛ وذلك كمنعه صلى الله عليه وسلم من هدم آطام المدينة، وقال: إنها زينة المدينة على ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي، عن علي بن عبد الرحمن قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير، عن العمري، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آطام المدينة أن تهدم"، وفي رواية: " لا تهدموا الآطام فإنها زينة المدينة "، وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه من أربع طرق، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16131شيبان بن فروخ قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث، عن nindex.php?page=showalam&ids=11834أبي التياح: " عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=661011كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير - قال: وأحسبه قال: فطيما- قال: فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال: أبا عمير ما فعل النغير! قال: فكان يلعب به".
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا في "اليوم والليلة"، nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار في مسنده، واسم nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة زيد بن أبي سهل الأنصاري، nindex.php?page=showalam&ids=11088وأم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك، واسمها سهلة، أو رميلة، أو مليكة. و"نغير"، بضم النون وفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء، مصغر نغر، وهو طائر يشبه العصفور أحمر المنقار، ويجمع على نغران، قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: فهذا قد كان بالمدينة، ولو كان حكم صيدها كحكم صيد مكة إذا لما أطلق له رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس النغير، ولا اللعب به، كما لا يطلق ذلك بمكة.
وقال بعضهم: احتج nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في قصة أبي عمير، ونقل عنه ما ذكرناه، ثم قال: وأجيب باحتمال أن يكون من صيد الحل. انتهى.
(قلت): لا تقوم الحجة بالاحتمال الذي لا ينشأ عن دليل، واعترضوا أيضا بأنه يجوز أن يكون من صيد الحل، ثم أدخله المدينة، ورد بأن صيد الحل إذا أدخل الحرم يجب عليه إرساله، فلا يرد علينا، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: فقال قائل: فقد يجوز أن يكون هذا الحديث بقناة، وذلك الموضع غير موضع الحرم، فلا حجة لكم في هذا الحديث، فنظرنا: هل نجد مما سوى هذا الحديث ما يدل على شيء من حكم صيد المدينة؟ فإذا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وفهد قد حدثانا، قالا: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، " عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها: nindex.php?page=hadith&LINKID=704519كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش، فإذا خرج لعب، واشتد وأقبل وأدبر، فإذا أحس [ ص: 230 ] برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض، فلم يترمرم؛ كراهة أن يؤذيه "، فهذا بالمدينة في موضع قد دخل فيما حرم منها، وقد كانوا يؤوون فيه الوحوش، ويتخذونها، ويغلقون دونها الأبواب، وقد دل هذا أيضا على أن حكم المدينة في ذلك بخلاف حكم مكة.
(قلت): وإسناده صحيح، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا في مسنده، والوحش واحد الوحوش، وهي حيوان البر.
قوله: " تيت" بكسر التاء المثناة من فوق وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره تاء مثناة أخرى، ويقال: تيت على وزن سيد، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14624الصاغاني: هو جبل قرب المدينة على بريد منها.
وأما الجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص في أمر السلب؛ فهو أنه كان في وقت ما كانت العقوبات التي تجب بالمعاصي في الأموال، فمن ذلك ما روي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الزكاة أنه قال: من أداها طائعا فله أجرها، ومن لا.. أخذناها منه وشطر ماله، ثم نسخ ذلك في وقت نسخ الربا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص في السلب لم يصح عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، ولا رأى العمل عليه بالمدينة.
ومن فوائد الحديث ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض، فإنهم استدلوا بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " لعنة الله" على أن ذلك من الكبائر؛ لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة، وفيه أن المحدث والمروي له في الإثم سواء.