ذكر في وجه مطابقته للترجمة وجوها : الأول : أن الادهان من الليل يقتضي استصحاب أثره في النهار ، وهو مما يرطب الدماغ ويقوي النفس ، فهو أبلغ من الاستعانة ببرد الاغتسال لحظة من النهار ثم يذهب أثره . قلت : هذا بعيد جدا لأن الأدهان في نفسها متفاوتة ، وما كل دهن يرطب الدماغ بل فيها ما يضره يعرفه من ينظر في علم الطب ، وقوله أبلغ من الاستعانة إلى آخره غير مسلم لأن الاغتسال بالماء لتحصيل البرودة، والدهن يقوي الحرارة وهو ضد ذاك ، فكيف يقول هو أبلغ إلى آخره .
الوجه الثاني : قاله بعضهم إن المانع من الاغتسال لعله سلك به مسلك استحباب التقشف في الصيام ، كما ورد مثله في الحج والادهان والترجل في مخالفة التقشف كالاغتسال . قلت : هذا أبعد من الأول : لأن الترجمة في جواز الاغتسال لا في منعه ، وكذلك أثر nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في الجواز لا في المنع ، فكيف يجعل الجواز مناسبا للمنع .
الوجه الثالث : ما قيل أراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الرد على من كره الاغتسال للصائم لأنه إن كرهه خشية وصول الماء إلى حلقه فالعلة باطلة بالمضمضة وبالسواك وبذوق القدر ونحو ذلك ، وإن كرهه للرفاهية فقد استحب السلف للصائم الترفه والتجمل والادهان والكحل ونحو ذلك . قلت : هذا أقرب إلى القبول ، ولكن تحقيقه أن يقال : إن بالاغتسال يحصل التطهر والتنظف للصائم ، وهو في ضيافة الله تعالى ينتظر المائدة ، ومن حاله هذه يحسن له التطهر والتنظف ، [ ص: 13 ] والتطيب وهذه تحصل بالاغتسال والادهان والترجل .
قوله : " دهينا " على وزن فعيلا بمعنى مفعول أي مدهونا . قوله : " مترجلا " من الترجل وهو تسريح الشعر وتنظيفه ، وكذلك الترجيل ، ومنه أخذ المرجل وهو المشط ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه قال : يستحب للصائم أن يدهن حتى يذهب عنه غبرة الصوم ، وأجازه الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رضي الله تعالى عنه وقال : لا بأس أن يدهن الصائم شاربه ، وممن أجاز الدهن للصائم nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف وابن عبد الحكم nindex.php?page=showalam&ids=12322وأصبغ ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى .