مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ما يدل على أن كسب الرجل بيده أفضل، وذلك أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان يحترف أي يكتسب ما يكفي عياله، ثم لما شغل بأمر المسلمين حين استخلف لم يكن يتفرغ للاحتراف بيده فصار يحترف للمسلمين، وأنه يعتذر عن تركه الاحتراف لأهله، فلولا أن الكسب بيده لأهله كان أفضل لم يكن يتأسف بقوله: "فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال" وأشار به إلى بيت مال المسلمين.
وهذا الحديث موقوف، وهو مما انفرد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، nindex.php?page=showalam&ids=12427وإسماعيل بن عبد الله هو إسماعيل بن أبي أويس، وقد تكرر ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري، nindex.php?page=showalam&ids=17423ويونس هو ابن زيد الأيلي، nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري المدني.
قوله: "إن حرفتي" الحرفة والاحتراف الكسب، وكان nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله تعالى عنه يتجر قبل استخلافه، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وغيره من حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن أبا بكر خرج تاجرا إلى بصرى في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
قوله: "وشغلت" على صيغة المجهول.
قوله: "بأمر المسلمين" أي: بالنظر في أمورهم لكونه خليفة.
قوله: "فسيأكل آل أبي بكر" يعني نفسه ومن تلزمه نفقته؛ لأنه لما اشتغل بأمر المسلمين احتاج إلى أن يأكل هو وأهله من بيت المال، وقال ابن التين: يقال: إن أبا بكر ارتزق كل يوم شاة وكان شأن الخليفة أن يطعم من حضره قصعتين كل يوم غدوة وعشيا، وروى ابن سعد بإسناد مرسل برجال ثقات قال: " لما استخلف أبو بكر رضي الله تعالى عنه أصبح غاديا إلى السوق على رأسه أثواب يتجر بها فلقيه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=5وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهما فقالا: كيف تصنع هذا وقد وليت أمر المسلمين قال: فمن أين أطعم عيالي قالا: نفرض لك، ففرضوا له كل يوم شطر شاة ".
وفي الطبقات عن nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال لما ولي أبو بكر قالت الصحابة رضي الله تعالى عنهم: افرضوا للخليفة ما يغنيه، قالوا: نعم، برداه إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مثلهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف. فقال أبو بكر رضيت، وعن ميمون قال: لما استخلف أبو بكر جعلوا له ألفين، فقال: زيدوني فإن لي عيالا فزادوه خمسمائة، قال: إما أن يكون ألفين فزادوه خمسمائة أو كانت ألفين وخمسمائة فزادوه خمسمائة، ولما حضرت أبا بكر الوفاة حسب ما أنفق من بيت المال فوجدوه سبعة آلاف درهم فأمر بماله غير الرباع فأدخل في بيت المال، فكان أكثر مما أنفق، قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها: فربح المسلمون عليه وما ربحوا على غيره، وروى ابن سعد وابن المنذر بإسناد صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات فيه قال: انظروا ما زاد في مالي منذ دخلت الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة بعدي، قالت: فلما مات نظرنا فإذا عبد نوبي كان يحمل صبيانه وناضح كان يسقي بستانا له فبعثنا بهما إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه، فقال: رحمة الله على أبي بكر؛ لقد أتعب من بعده .
وأخرج ابن سعد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة نحوه، وزاد أن الخادم كان صيقلا يعمل سيوف المسلمين ويخدم آل أبي بكر، ومن طريق ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس نحوه، وفيه: وقد كنت حريصا على أن أوفر مال المسلمين، وقد كنت أصبت من اللحم واللبن، وفيه: وما كان عنده دينار ولا درهم، ما كان إلا خادم ولقحة ومحلب.
قوله: "ويحترف للمسلمين" أي: يتجر لهم حتى يعود عليهم من ربحه بقدر ما أكل أو أكثر، وليس بواجب على الإمام أن يتجر في مال المسلمين بقدر مؤنته إلا أن يتطوع بذلك كما تطوع أبو بكر.
(ذكر ما يستفاد منه) فيه أن أفضل الكسب ما يكسبه الرجل بيده، وسيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، وروى nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم عن nindex.php?page=showalam&ids=177أبي بردة يعني ابن نيار " nindex.php?page=hadith&LINKID=101764سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أي الكسب أطيب وأفضل؟ قال: عمل الرجل بيده أو كل عمل مبرور " وعن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب نحوه، وقال صحيح الإسناد، وعن nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج مثله، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: nindex.php?page=hadith&LINKID=670634 "أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه" وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=10889 "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم" وقال nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي: أصول المكاسب [ ص: 186 ] الزراعة والتجارة والصناعة، وأيها أطيب؟ فيه ثلاثة مذاهب للناس، وأشبهها مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن التجارة أطيب، والأشبه عندي أن الزراعة أطيب; لأنها أقرب إلى التوكل، وقال النووي: وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري صريح في ترجيح الزراعة والصنعة؛ لكونهما عمل يده لكن الزراعة أفضلهما؛ لعموم النفع بها للآدمي وغيره وعموم الحاجة إليها.
وفيه أن للعامل أن يأخذ من عرض المال الذي يعمل فيه قدر عمالته إذا لم يكن فوقه إمام يقطع له أجرة معلومة، وكل من يتولى عملا من أعمال المسلمين يعطى له شيء من بيت المال؛ لأنه يحتاج إلى كفايته وكفاية عياله; لأنه إن لم يعط له شيء لا يرضى أن يعمل شيئا فتضيع أحوال المسلمين، وعن ذلك قال أصحابنا: ولا بأس برزق القاضي، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رضي الله تعالى عنه يأخذ على القضاء، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب رزق الحكام والعاملين عليها، ثم القاضي إن كان فقيرا فالأفضل بل الواجب أخذ كفايته من بيت المال، وإن كان غنيا فالأفضل الامتناع رفقا ببيت المال، وقيل: الأخذ هو الأصح؛ صيانة للقضاء عن الهوان؛ لأنه إذا لم يأخذ لم يلتفت إلى أمور القضاء كما ينبغي لاعتماده على غناه، فإذا أخذ يلزمه حينئذ إقامة أمور القضاء.