أي: هذا باب، ولا يجوز فيه الإضافة، وجه المناسبة بين البابين من حيث إن معنى الباب الأول: متضمن معنى هذا الباب، وذلك لأن النقباء من الأنصار، والأنصار كلهم خيروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلوا أرواحهم وأموالهم في محبته فرارا بدينهم من فتن الكفر والضلال، وكذلك هذا الباب يبين فيه ترك المسلم الاختلاط بالناس، ومعاشرتهم، واختياره العزلة والانقطاع فرارا بدينه من فتن الناس، والاختلاط بهم. فإن قلت: لم لم يقل: باب من الإيمان الفرار من الفتن، كما ذكر هكذا في أكثر الأبواب الماضية، والأبواب الآتية، وأيضا عقد الكتاب في الإيمان. قلت: إنما قال ذلك ليطابق الترجمة الحديث الذي يذكره في [ ص: 161 ] الباب، فإن المذكور فيه الفرار بالدين من الفتن، ولا يحتاج أن يقال: لما كان الإيمان والإسلام مترادفين عنده، وقال الله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام أطلق الدين في موضع الإيمان. فإن قلت: قال النووي في الاستدلال بهذا الحديث للترجمة نظر; لأنه لا يلزم من لفظ الحديث عد الفرار دينا، وإنما هو صيانة للدين. قلت: لم يرد بكلامه الحقيقة; لأن الفرار ليس بدين، وإنما المراد أن الفرار للخوف على دينه من الفتن شعبة من شعب الدين، ولهذا ذكره بـ من التبعيضية، وتقدير الكلام: باب الفرار من الفتن شعبة من شعب الدين.