1993 (باب شراء الإبل الهيم أو الأجرب، الهائم المخالف للقصد في كل شيء)
أي هذا باب في بيان شراء الإبل الهيم، و"الهيم" بكسر الهاء جمع أهيم، والمؤنث هيماء، والأهيم العطشان الذي لا يروى، وهو من هامت الدابة تهيم هيمانا بالتحريك، وقال ابن الأثير في حديث الاستسقاء: "هامت دوابنا" أي عطشت، ومنه حديث ابن عمر "أن رجلا باعه إبلا هيما" أي مراضا، جمع أهيم، وهو الذي أصابه الهيام، والهيام هو داء يكسبها العطش، فتمص الماء مصا، ولا تروى منه، وقال ابن سيده: الهيام والهيام داء يصيب الإبل عن بعض المياه بتهامة، يصيبها منه مثل الحمى، وقال الهجري: الهيام داء يصيبها عن شرب النجل إذا كثر طحلبه واكتنفت به الذبان، جمع ذباب، وقال الفراء: والهيام الهيام بضم الهاء وكسرها، وفي (كتاب الإبل) للنضر بن شميل: وأما الهيام فنحو الدوار جنون يأخذ الإبل، حتى تهلك، وفي كتاب (خلق الإبل) للأصمعي: إذا سخن جلد البعير وله شره للماء ونحل جسمه، فذلك الهيام. وقيل: الهيام داء يكون معه الجرب; ولهذا ترجم البخاري شراء الإبل الهيم والأجرب، وأما معنى قوله تعالى: فشاربون شرب الهيم، فقال ابن عباس: هيام [ ص: 218 ] الأرض. الهيام - بالفتح - تراب يخالطه رمل ينشف الماء نشفا، وفي تقديره وجهان; أحدهما أن الهيم جمع هيام جمع على فعل، ثم خفف وكسرت الهاء لأجل الياء، والثاني: أن يذهب إلى المعنى، وأن المراد الرمال الهيم، وهي التي لا تروى، يقال: رمل أهيم.
قوله: "أو الأجرب" أي أو شراء الأجرب من الإبل، وفي رواية النسفي "والأجرب" بدون الهمزة، وقال بعضهم: وهو من عطف المفرد على الجمع في الصفة; لأن الموصوف هنا الإبل، وهم اسم جنس صالح للجمع والمفرد.
(قلت): قال صاحب (المخصص): الإبل اسم واحد ليس بجمع، ولا اسم جمع، وإنما هو دال عليه، وجمعها آبال، وعن سيبويه: قالوا: إبلان; لأنه اسم لم يكسر عليه، وإنما يريدون قطيعين.
قوله: "الهائم المخالف للقصد في كل شيء" أي يهيم ويذهب على وجهه، وقال ابن التين: وليس الهائم واحد الهيم، فانظر لم أدخل البخاري هذا في تبويبه، وأجيب عن هذا بأن البخاري لما رأى أن الهيم من الإبل كالذي قاله النضر بن شميل شبهها بالرجل الهائم من العشق، فقال: الهائم المخالف للقصد في كل شيء، فكذلك الإبل الهيم تخالف القصد في قيامها وقعودها ودورها مع الشمس كالحرباء.