[ ص: 264 ] وهو في الأصل الخطر من غر يغر بالكسر، والخطر هو الذي لا يدرى أيكون أم لا، وقال ابن عرفة: الغرر هو ما كان ظاهره يغر وباطنه مجهول، ومنه سمي الشيطان غرورا؛ لأنه يحمل على محاب النفس ووراء ذلك ما يسوء، قال: والغرور ما رأيت له ظاهرا تحبه وباطنه مكروه أو مجهول، وقال الأزهري: بيع الغرر ما يكون على غير عهدة ولا ثقة، قال: ويدخل فيها البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان، وقال صاحب المشارق: بيع الغرر بيع المخاطرة، وهو الجهل بالثمن أو المثمن أو سلامته أو أجله.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر: بيع يجمع وجوها كثيرة منها المجهول كله في الثمن أو المثمن إذا لم يوقف على حقيقة جملته، ومنها بيع الآبق والجمل الشارد والحيتان في الآجام والطائر غير الداجن، قال: والقمار كله من بيع الغرر، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن بيع السمك في الماء من بيوع الغرر وبيع الطير في السماء والعبد الآبق، وقال شيخنا: ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من أن بيع السمك في الماء من بيوع الغرر، وهو فيما إذا كان السمك في ماء كثير بحيث لا يمكن تحصيله منه، وكذا إذا كان يمكن تحصيله ولكن بمشقة شديدة، وأما إذا كان في ماء يسير بحيث يمكن تحصيله منه بغير مشقة فإنه يصح لأنه مقدور على تحصيله وتسليمه، وهذا كله إذا كان مرئيا في الماء القليل بأن يكون الماء صافيا، فأما إذا لم يكن مرئيا بأن يكون كدرا فإنه لا يصح بلا خلاف كما قاله النووي والرافعي.
(قلت): بيع الآبق يصح إذا كان البائع والمشتري يعرفان موضعه، كذا قاله أصحابنا، وقال شيخنا: يدخل في بيع الطير في السماء بيع حمام البرج في حال طيرانه وإن جرت عادته بالرجوع؛ لأنه يجوز أن لا يرجع، وذهب بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى صحة البيع لجريان العادة برجوعه، وأما إذا كان في البرج فحكمه حكم بيع السمك في الماء اليسير، فإن كان فيه كوى مفتوحة لا يؤمن خروجه لم يصح، وإن لم يمكنه الخروج، ولكن كان البرج كبيرا بحيث يحصل التعب والمشقة في تحصيله لم يصح أيضا، قال: وفرق الأصحاب بين بيع الحمام في حال غيبته عن البرج وبين بيع النحل في حال غيبته عن الكوارة، فصححوا المنع في حمام البرج وصححوا الصحة في بيع النحل، والفرق بينهما أن الطير تعترضه الجوارح في خروجه بخلاف النحل، وقيد ابن الرفعة في المطلب صحة بيع النحل فيما إذا كانت أم النحل في الكوارة، فإذا لم تكن لا يصح.
(فإن قلت): لم يذكر في الباب بيع الغرر صريحا وذكره في الترجمة لماذا؟
(قلت): لما كان في حديث الباب النهي عن بيع حبل الحبلة، وهو نوع من أنواع بيع الغرر ذكر الغرر الذي هو عام، ثم عطف عليه حبل الحبلة من عطف الخاص على العام لينبه بذلك على أن أنواع الغرر كثيرة، وإن لم يذكر منها إلا حبل الحبلة من باب التنبيه بنوع ممنوع مخصوص معلول بعلة على كل نوع توجد فيه تلك العلة.