أي هذا باب في بيان قتل الخنزير هل هو مشروع كما شرع تحريم أكله ، أي : مشروع ، والجمهور على جواز قتله مطلقا ، إلا ما روي شاذا من بعض الشافعية ، أنه يترك الخنزير إذا لم يكن فيه ضراوة ، وقال ابن التين : ومذهب الجمهور أنه إذا وجد الخنزير في دار الكفر وغيرها ، وتمكنا من قتله قتلناه .
قلت : ينبغي أن يستثنى خنزير أهل الذمة ; لأنه مال عندهم ، ونحن نهينا عن التعرض إلى أموالهم ، فإن قلت : يأتي عن قريب أن عيسى - عليه السلام - حين ينزل يقتل الخنزير مطلقا ، قلت : يقتل الخنزير بعد قتل أهله ، كما أنه يكسر الصليب ; لأنه ينزل ويحمل الناس كلهم على الإسلام لتقرير شريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا جاز قتل أهل الكفر حينئذ سواء كانوا من أهل الذمة أو من أهل الحرب ، فقتل خنزيرهم وكسر صليبهم بطريق الأولى والأحق ، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - يضع الجزية يعني يرفعها ; لأن الناس كلهم يسلمون ، فمن لم يدخل في الإسلام يقتله ، فلا يبقى وجه لأخذ الجزية ; لأن الجزية إنما تؤخذ في هذه الأيام لتصرف في مصالح المسلمين منها دفع أعدائهم ، وفي زمن عيسى - عليه الصلاة والسلام - لا يبقى عدو للدين ; لأن الناس كلهم مسلمون ، ويفيض المال بينهم ، فلا يحتاج أحد إلى شيء من الجزية لارتفاعها بذهاب أهلها .
فإن قلت : ما وجه دخول هذا الباب في أبواب البيوع ؟ قلت : كأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فهم أن كل ما حرم ولم يجز بيعه يجوز قتله فالخنزير حرم الشارع بيعه كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الآتي ، فجاز قتله ، فمن هذه الحيثية أدخل هذا الباب في أبواب البيوع ، وقال بعضهم : ووجه دخوله في أبواب البيع الإشارة إلى أن ما أمر بقتله لا يجوز بيعه ، قلت : فيه نظر من وجهين : أحدهما أنه يحتاج إلى بيان الموضع الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل الخنزير ، وتحريم بيعه لا يستلزم جواز قتله ، والآخر أن قوله : ما أمر بقتله لا يجوز بيعه ليس بكلي ، فإن الشارع أمر بقتل الحيات صريحا ، مع أن جماعة من العلماء منهم nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث قالوا : يجوز بيع الحيات إذا كانت ينتفع بها للأدوية .