أي هذا باب في بيان حكم بيع العبد نسيئة ، وبيع الحيوان بالحيوان نسيئة هذا تقدير الكلام ، وقوله : والحيوان بالحيوان من عطف العام على الخاص . قوله : نسيئة بفتح النون وكسر السين المهملة وفتح الهمزة ، أي : مؤجلا ، وانتصابه على التمييز ، وقال بعضهم : وكأنه أراد بالعبد جنس ما يستعبد فيدخل الذكر والأنثى . قلت : لا نسلم أن يكون المراد بالعبد جنس ما يستعبد ، وليس هذا موضوعه في اللغة ، وإنما هو خلاف الأمة كما نص عليه أهل اللغة ، ولا حاجة لإدخال الأنثى فيه إلى هذا التكلف والتعسف ، وقد علم أنه إذا أورد حكم في الذكور يدخل فيه الإناث إلا بدليل يخص الذكور .
واعلم أن هذه الترجمة مشتملة على حكمين :
الأول : في بيع العبد بالعبد نسيئة ، وبيع العبد بعبدين أو أكثر نسيئة ، فإنه يجوز عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إنما يجوز إذا اختلف الجنس ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه والكوفيون : لا يجوز ذلك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة ، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=660014جاء عبد يبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الهجرة ، ولا يشعر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عبد ، فجاء سيده يريده ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بعنيه ، فاشتراه بعبدين أسودين ، ثم لم يبايع أحدا بعد حتى يسأله أعبد هو ، ثم قال : والعمل على هذا عند أهل العلم ، أنه لا بأس عبد بعبدين يدا بيد ، واختلفوا فيه إذا كان نسأ ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وبقية أصحاب السنن .
الحكم الثاني : في بيع الحيوان بالحيوان ، فالعلماء اختلفوا فيه ، فقالت طائفة : لا ربا في الحيوان ، وجائز بعضه ببعض نقدا ونسيئة ، اختلف أو لم يختلف ، هذا مذهب علي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا بأس بالبعير النجيب بالبعيرين من حاشية الإبل نسيئة ، وإن كانت من نعم واحدة إذا اختلفت وبان اختلافها ، وإن اشتبه بعضها بعضا واتفقت أجناسها ، فلا يؤخذ منها اثنان بواحد إلى أجل ويؤخذ يدا بيد ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار وربيعة ويحيى بن سعيد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : لا يجوز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة اختلفت أجناسها أو لم تختلف ، واحتجوا في ذلك بما رواه الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة nindex.php?page=hadith&LINKID=663528أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : باب ما جاء في كراهة بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، ثم روى حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة هذا ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وسماع الحسن من nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة صحيح ، هكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني وغيره ، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري وأهل الكوفة وبه يقول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله تعالى عنهم .
قلت : حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في كتاب العلل : حدثنا محمد بن عمرو المقدمي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15937زياد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=663528نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=13708أبي سعيد الأشج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث وأبي خالد ، عن حجاج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=678775لا بأس بالحيوان بالحيوان واحد باثنين يدا بيد ، وكرهه نسيئة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في العلل : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16010سفيان بن وكيع ، حدثنا محمد بن حميد هو الأحمري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=663528أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة .
فإن قلت : قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بعد تخريجه حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة : أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة في غير حديث العقيقة . قلت : قول الحافظين الكبيرين الحجتين nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني كاف في هذا ، مع أنهما مثبتان ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ينقل النفي فلا يفيد شيئا ، فإن قلت : حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال فيه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : سألت محمدا عن هذا الحديث ، فقال : إنما يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=15937زياد بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 45 ] مرسلا . قلت : رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي موصولا بإسناد جيد قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ ، وعبيد الله بن محمد بن حشيش ، وإبراهيم بن محمد الصيرفي قالوا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن موسى بن عبد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15937زياد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - ، nindex.php?page=hadith&LINKID=663528أن النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة .
فإن قلت : قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هذا الحديث ضعيف بمحمد بن دينار الطاحي البصري بما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين أنه ضعيف ، قلت : nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي لتحامله على أصحابنا يثبت بما لا يثبت ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12211أحمد بن أبي خيثمة عن nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين أنه قال : ليس به بأس . وكذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12007أبو زرعة : صدوق ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : حسن الحديث .
فإن قلت : حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فيه nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف ، قلت : قال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : صدوق يكتب حديثه ، وقال الذهبي في الميزان : أحد الأعلام على لين في حديثه ، روى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مقرونا بغيره ، وروى له الأربعة .
فإن قلت : حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال فيه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : إنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - مرسل ، قلت : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريقين متصلين ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار أيضا متصلا ، ثم قال : ليس في هذا الباب حديث أجل إسنادا منه ، وهذه الأحاديث مع اختلاف طرقها يؤيد بعضها بعضا ، ويرد قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه لا يثبت الحديث في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، ثم إن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن معه احتجوا لما ذهبوا إليه بحديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14181حفص بن عمر قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن مسلم بن جبير ، عن أبي سفيان ، عن عمرو بن حريش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، nindex.php?page=hadith&LINKID=674836أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - أمره أن يجهز جيشا فنفدت الإبل ، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة ، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أيضا ، وفي روايته : في قلاص الصدقة ، والقلاص بكسر القاف جمع قلص بضم القاف واللام ، وهو جمع قلوص ، فيكون القلاص جمع الجمع ، وقال : القلوص يجمع على قلص وقلائص ، وجمع القلص قلاص ، والقلوص من النوق الشابة ، وهي بمنزلة الجارية من النساء ، وأجابوا عنه بأن في إسناده اختلافا كثيرا .
احتج به nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق فيما ذهبوا إليه من جواز استقراض الحيوان ، قالوا : وهو حجة على من منع ذلك ، وأجاب المانعون عن ذلك بأنه منسوخ بآية الربا بالوجه الذي ذكرناه الآن ، ومع هذا ليس فيه إلا الثناء على من أحسن القضاء ، فأطلق ذلك ولم يقيده بصفة ، ولم يكن ذلك بشرط الزيادة ، وقد أجمع المسلمون بالنقل عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أن اشتراط الزيادة في السلف ربا حرام ، وكذلك أجابوا عن كل حديث يشبه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12003أبي رافع بأنه كان قبل آية الربا .
وعن هذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه وفقهاء الكوفة والثوري nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح : إن استقراض الحيوان لا يجوز ، ولا يجوز الاستقراض إلا مما له مثل : كالمكيلات ، والموزونات ، والعدديات المتقاربة ، فلا يجوز قرض ما لا مثل له من المزروعات والعدديات المتفاوتة ; لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ، ولا إلى إيجاب القيمة ; لاختلاف تقويم المقومين ، فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل ، فيختص جوازه بما له مثل ، وعن هذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف : لا يجوز القرض في الخبز ، لا وزنا ولا عددا ، وقال محمد : يجوز عددا .