مطابقته للترجمة من حيث إن فيه جواز أخذ الأجرة لقراءة القرآن وللتعليم أيضا ، وللرقيا به أيضا لعموم اللفظ ، وهو يفسر أيضا الإبهام الذي في الترجمة ، فإنه ما بين فيه حكم ما يعطى في الرقية بفاتحة الكتاب ، وهذا الذي علقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري طرف من حديث وصله هو في كتاب الطب ، في باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم ، حدثني سيدان بن مضارب إلى آخره ، وفي آخره : أن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله .
وقد اختلف العلماء في أخذ الأجر على الرقية بالفاتحة ، وفي أخذه على التعليم ، فأجازه nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبو قلابة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، ونقله nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في الرقية ، وهو قول إسحاق ، وكره nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري تعليم القرآن بالأجر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : لا يجوز أن يأخذ الأجر على تعليم القرآن ، وقال الحاكم من أصحابنا في كتابه الكافي : ولا يجوز أن يستأجر رجل رجلا أن يعلم ولده القرآن والفقه والفرائض ، أو يؤمهم رمضان ، أو يؤذن .
وفي ( خلاصة الفتاوى ) ناقلا عن الأصل : لا يجوز الاستئجار على الطاعات كتعليم القرآن ، والفقه ، والأذان ، والتذكير ، والتدريس ، والحج ، والغزو ، يعني لا يجب الأجر . وعند أهل المدينة يجوز وبه أخذ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ونصير وعصام وأبو نصر الفقيه وأبو الليث - رحمهم الله .
والأصل الذي بنى عليه حرمة الاستئجار على هذه الأشياء أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها لأن هذه الأشياء طاعة وقربة تقع على العامل ، قال تعالى : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى فلا يجوز أخذ الأجرة من غيره كالصوم والصلاة واحتجوا على ذلك بأحاديث ، منها : ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل بن إبراهيم عن nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبراني ، قال : قال عبد الرحمن بن شبل : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=695962اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به " ، وعنه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=67424ولا تجفوا ولا تقلوا فيه ولا تستكثروا به " ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه أيضا في مسنده ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق في مصنفيهما ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق رواه nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد وأبو يعلى الموصلي nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني .
ومنها : ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار في مسنده عن حماد بن يحيى بن أبي كثير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبيه nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن [ ص: 96 ] ابن عوف مرفوعا نحوه .
ومنها : ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في الكامل عن الضحاك بن نبراس البصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحوه .
ومنها : ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين يرفعه " nindex.php?page=hadith&LINKID=699915اقرءوا القرآن وسلوا الله به ، فإن من بعدكم قوم يقرءون القرآن يسألون الناس به " ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن أبي جرهم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قلت : يا رسول الله ما تقول في المعلمين ، قال : أجرهم حرام " وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=67430لا تستأجروا المعلمين " ، وهذا غير صحيح ، وفي إسناده أحمد بن عبد الله الهروي ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : دجال يضع الحديث ، ووافقه صاحب التنقيح ، وهذه الأحاديث - وإن كان في بعضها مقال - لكنها يؤكد بعضها بعضا ، ولا سيما حديث القوس ، فإنه صحيح كما ذكرنا ، وإذا تعارض نصان أحدهما مبيح والآخر محرم يدل على النسخ ، كما نذكره عن قريب ، وكذلك الكلام في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري الذي يأتي عن قريب - إن شاء الله تعالى - في هذا الباب .
وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي ناقلا عن أصحابه عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد - رضي الله تعالى عنه - ثلاثة أجوبة ، أحدها : أن القوم كانوا كفارا فجاز أخذ أموالهم ، والثاني : أن حق الضيف واجب ولم يضيفوهم ، والثالث : أن الرقية ليست بقربة محضة ، فجاز أخذ الأجرة عليها ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : ولا نسلم أن جواز أخذ الأجر في الرقى يدل على جواز التعليم بالأجر ، وقال بعض أصحابنا : ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=655296أن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " يعني إذا رقيتم به ، وحمل بعض من منع أخذ الأجر على تعليم القرآن الأجر في الحديث المذكور على الثواب ، وبعضهم ادعوا أنه منسوخ بالأحاديث المذكورة التي فيها الوعيد واعترض عليه بعضهم بأنه إثبات النسخ بالاحتمال ، وهو مردود ، قلت : منع هذا بدعوى الاحتمال مردود ، ومن الذي قال هذا الحديث يحتمل النسخ بل الذي ادعى النسخ إنما قال : هذا الحديث يحتمل الإباحة ، والأحاديث المذكورة تمنع الإباحة قطعا ، والنسخ هو الحظر بعد الإباحة ; لأن الإباحة أصل في كل شيء فإذا طرأ الحظر يدل على النسخ بلا شك ، وقال بعضهم : الأحاديث المذكورة ليس فيها ما تقوم به الحجة فلا تعارض الأحاديث الصحيحة ، قلت : لا نسلم عدم قيام الحجة فيها ، فإن حديث القوس صحيح ، وفيه الوعيد الشديد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : ويجوز الأجر على الرقى وإن كان يدخل في بعضه القرآن ; لأنه ليس على الناس أن يرقي بعضهم بعضا ، وتعليم الناس بعضهم بعضا القرآن واجب ; لأن في ذلك التبليغ عن الله تعالى ، وقال صاحب التوضيح : قول الطحاوي هذا غلط ; لأن تعلمه ليس بفرض فكيف تعليمه ، وإنما الفرض المعين منه على كل أحد ما تقوم به الصلاة وغير ذلك فضيلة ونافلة ، وكذلك تعليم الناس بعضهم بعضا ليس بفرض متعين عليهم ، وإنما هو على الكفاية ، ولا فرق بين الأجرة في الرقى وعلى تعليم القرآن لأن ذلك كله منفعة ، انتهى ، قلت : هذا كلام صادر بقلة الأدب وعدم مراعاة أدب البحث ، سواء كان هذا الكلام منه أو هو نقله [ ص: 97 ] من غيره ، وكيف يقول لأن تعلمه ليس بفرض فكيف تعليمه ، فإذا لم يكن تعليمه وتعلمه فرضا فلا يفرض قراءة القرآن في الصلاة ، وقد أمر الله تعالى بالقراءة فيها بقوله : " فاقرءوا " فإذا أسلم أحد من أهل الحرب أفلا يفرض عليه أن يعلم مقدار ما تجوز به صلاته ، وإذا لم يجد إلا أحدا ممن يقرأ القرآن كله أو بعضه أفلا يجب عليه أن يعلمه مقدار ما تجوز به الصلاة ، وقوله : وإنما الفرض المعين منه ما تقوم به الصلاة يدل على أن تعلمه فرض عليه ; لأنه لا يقدر على هذا المقدار إلا بالتعليم ، إذ لا يقدر عليه من ذاته ، فإذا كان ما تقوم به الصلاة من القراءة فرضا عليه يكون تعلمه هذا المقدار فرضا عليه لأن ما يقوم به الفرض فرض والتعلم لا يحصل إلا بالتعليم فيكون فرضا على كل حال سواء كان على التعيين أو على الكفاية ، وكيف لا يكون فرضا وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ من الله تعالى ولو كان آية من القرآن ، وأوجب التبليغ عليه فقال - صلى الله تعالى عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=653202بلغوا عني ولو آية من كتاب الله تعالى " .