[ ص: 109 ] هذا عطف على ما قبله ، والتقدير : وباب من لم ير من النعسة . . إلى آخره .
والنعسة على وزن فعلة ، مرة من النعس ، من باب نعس بفتح العين ينعس بضمها من باب نصر ينصر ، ومن قال نعس بضم العين فقد أخطأ .
وفي ( الموعب ) : وبعض بني عامر يقول ينعس بفتح العين ، يقال : نعس ينعس نعسا ونعاسا ، فهو ناعس ونعسان ، وامرأة نعسى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت ، وثعلب : لا يقال نعسان ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أنه قال : قد سمعت نعسان من أعرابي من عنزة ، قال : ولكن لا أشتهيه ، وعن صاحب ( العين ) أنه قال : وسمعناهم يقولون نعسان ، ونعسى ، حملوه على وسنان ووسنى .
وقال كراع : وسنان أي ناعس ، والسنة بكسر السين أصلها وسنة مثل عدة أصلها وعدة ، حذفت الواو تبعا لحذفها في مضارعه ، ونقلت فتحتها إلى عين الفعل ، وزنها علة .
قوله ( والنعستين ) تثنية نعسة .
قوله ( أو الخفقة ) عطف على قوله ( النعسة ) وهو أيضا على وزن فعلة مرة من الخفق ، يقال : خفق الرجل بفتح الفاء يخفق خفقا ، إذا حرك رأسه وهو ناعس .
وفي ( الغريبين ) : معنى تخفق رءوسهم تسقط أذقانهم على صدورهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12570ابن الأثير : خفق إذا نعس ، والخفوق الاضطراب ، وخفق الليل إذا ذهب .
وقال ابن التين : الخفقة النعسة ، وإنما كرر لاختلاف اللفظ .
وقال بعضهم : الظاهر أنه من ذكر الخاص بعد العام .
قلت : على قول ابن التين بين النعس والخفقة مساواة ، وعلى قول بعضهم عموم وخصوص ، بمعنى أن كل خفقة نعسة ، وليس كل نعسة خفقة ، ويدل عليه ما قال أهل اللغة : خفق رأسه إذا حركها ، وهو ناعس .
وقال أبو زيد : خفق برأسه من النعاس أماله ، ومنه قول nindex.php?page=showalam&ids=12002الهروي في ( الغريبين ) : تخفق رءوسهم كما ذكرناه ، وفيه الخفق مع النعاس .
وقال بعضهم : ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري النعاس يسمى نوما ، والمشهور التفرقة بينهما أن من فترت حواسه بحيث يسمع كلام جليسه ، ولا يفهم معناه فهو ناعس ، وإن زاد على ذلك فهو نائم ، ومن علامات النوم الرؤيا طالت أو قصرت .
قلت : لا نسلم أن ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يدل على عدم التفرقة ، فإنه عطف قوله ( ومن لم ير من النعسة . . إلى آخره ) على قوله ( النوم والنعس ) في قوله ( باب النوم ) .
والتحقيق في هذا المقام أن معنا ثلاثة أشياء : النوم ، والنعسة ، والخفقة ، أما النوم فمن قال : إن نفس النوم حدث ، يقول بوجوب الوضوء من النعاس ، ومن قال : إن نفس النوم ليس بحدث ، لا يقول بوجوب الوضوء على الناعس ، وأما الخفقة فقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : وجب الوضوء على كل نائم إلا من خفق خفقة ، nindex.php?page=showalam&ids=12070فالبخاري أشار إلى هذه الثلاثة ، فأشار إلى النوم بقوله : باب النوم ، والنوم فيه تفصيل كما نذكره عن قريب ، وأشار بقوله ( النعسة والنعستين ) إلى القول بعدم وجوب الوضوء في النعسة والنعستين ، ويفهم من هذا أن النعسة إذا زادت على النعستين وجب الوضوء ; لأنه يكون حينئذ نائما مستغرقا ، وأشار إلى من يقول بعدم وجوب الوضوء على من يخفق خفقة واحدة ، كما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بقوله : أو الخفقة ، ويفهم من هذا أن الخفقة إذا زادت على الواحدة يجب الوضوء ، ولهذا قيد nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الخفقة بالواحدة .
وأما النوم ففيه أقوال : الأول : أن النوم لا ينقض الوضوء بحال ، وهو محكي عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، وأبي مجلز ، وحميد بن عبد الرحمن ، nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، وهو قول صحيح عن جماعة من الصحابة وغيرهم ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ، nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني .
الثاني : النوم ينقض الوضوء على كل حال ، وهو مذهب الحسن ، والمزني ، وأبي عبد الله القاسم بن سلام ، nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وهو قول غريب عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : وبه أقول ، قال : وروي معناه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : النوم في ذاته حدث ينقض الوضوء ، سواء قل أو كثر قاعدا أو قائما في صلاة أو غيرها أو راكعا أو ساجدا أو متكئا أو مضطجعا ، أيقن من حواليه أنه لم يحدث أو لم يوقنوا .
الثالث : كثير النوم ينقض ، وقليله لا ينقض بكل حال ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وربيعة ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في إحدى الروايتين . وعند nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي . وقال بعضهم : إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء ، وبه يقول إسحاق .
الرابع : إذا نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع ، والساجد ، والقائم ، والقاعد - لا ينقض وضوءه ، سواء كان في الصلاة أو لم يكن ، فإن نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وداود ، وقول غريب nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، وقاله أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان [ ص: 110 ] وسفيان .
الخامس : لا ينقض إلا نوم الراكع ، وهو قول عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، ذكره ابن التين .
السادس :لا ينقض إلا نوم الساجد ، روي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
السابع : من نام ساجدا في مصلاه ، فليس عليه وضوء ، وإن نام ساجدا في غير صلاة توضأ ، وإن تعمد النوم في الصلاة فعليه الوضوء ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك .
الثامن : لا ينقض النوم الوضوء في الصلاة ، وينقض خارج الصلاة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
التاسع : إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينقض ، سواء قل أو كثر ، وسواء كان في الصلاة أو خارجها ، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : تتبع علماؤنا مسائل النوم المتعلقة بالأحاديث الجامعة لتعارضها ، فوجدوها أحد عشر حالا : ماشيا ، وقائما ، ومستندا ، وراكعا ، وقاعدا متربعا ، ومحتبيا ، ومتكئا ، وراكبا ، وساجدا ، ومضطجعا ، ومستقرا ، وهذا في حقنا ، فأما سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن خصائصه أنه لا ينتقض وضوءه بالنوم مضطجعا ، ولا غير مضطجع .