قوله: (باب) يجوز رفعه بلا تنوين على الإضافة، وهو خبر مبتدأ [ ص: 116 ] محذوف، أي: هذا باب، ويجوز تنوينه، وهما جاريان في نظائره أيضا، ووقع في بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بغير ذكر (باب) وهي سماع أبي العز الحراني.
ثانيها:
(بدء) يجوز فيه الهمز من الابتداء، وتركه من الظهور مع سكون الدال، والأول أرجح، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: بدأ بالهمز مع سكون الدال من الابتداء وبغير همز مع ضم الدال، وتشديد الواو من الظهور.
قال أهل اللغة: بدأت الشيء بداء: ابتدأت به، وبدا الشيء -بلا همز- بدوا -بتشديد الواو- كقعد قعودا، أي: ظهر. فالمعنى على الأول: كيف كان ابتداؤه، وعلى الثاني: كيف كان ظهوره.
قال بعضهم فيما حكاه القاضي: الهمز أحسن; لأنه يجمع المعنيين، والأحاديث المذكورة في الباب تدل عليه; لأنه بين فيه كيف يأتيه الملك ويظهر له، وكيف كان ابتداء أمره أول ما ابتدئ به. وقيل: الظهور أحسن; لأنه أعم.
ثالثها:
قوله: (وقول الله) هو مجرور ومرفوع معطوف على (كيف) قاله النووي في "تلخيصه"، وعبارة القاضي: يجوز الرفع على الابتداء، والكسر عطفا على (كيف) وهي في موضع خفض، كأنه قال: باب [ ص: 117 ] كيف كذا، وباب معنى قول الله، أو الحجة بقول الله، قال: ولا يصح أن يحمل على الكيفية لقول الله تعالى، إذ لا يكيف كلام الله.
رابعها:
الوحي أصله الإعلام في خفاء وسرعة ومنه: الوحاء الوحاء، وهي في عرف الشرع إعلام الله تعالى أنبياءه ما شاء من أحكامه، فكل ما دلت عليه من كتاب أو رسالة أو إشارة بشيء فهو وحي، ومن الوحي الرؤيا والإلهام، وأوحى أفصح من وحى، وبه جاء القرآن، والثانية أسدية كما قاله الفراء، وقال القزاز في "جامعه": هو من الله إلهام، ومن الناس إشارة، وستعرف في أول الحديث الثاني إن شاء الله تعالى أقسامه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج وغيره: هذه الآية جواب لما تقدم من قوله تعالى: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء [النساء: 153] الآية، فأعلم الله تعالى أن أمره كأمر النبيين من قبله يوحى إليه كما يوحى إليهم، وقيل: المعنى: أوحى الله تعالى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وحي رسالة كما أوحى إلى الأنبياء، لا وحي إلهام.
[ ص: 118 ] سادسها:
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله هذه الآية في أول كتابه تبركا ولمناسبتها لما ترجم له، وقد أسلفنا فيما مضى أنه يستدل للترجمة بما وقع له من قرآن وسنة مسندة وغيرهما، وأراد أن الوحي سنة الله تعالى في أنبيائه.
سابعها:
بدأ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله بالوحي، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في "الموطأ" بوقوت الصلاة، ومنهم من بدأ بالإيمان، ومنهم من بدأ بالوضوء، ومنهم من بدأ بالطهارة، ومنهم من بدأ بالاستنجاء، ولكل وجه، والله الموفق.