هذا الباب كذا هو هنا في الأصول، وقدم nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عليه كتاب الصوم ، وهو قريب ، فلنقتد بالجم الغفير، فنقول: قرئ في السبعة حج البيت بالفتح والكسر، فقيل: لغتان، وقيل: بالفتح المصدر وبالكسر الاسم، وقيل: عكسه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت: بالفتح القصد، وبالكسر القوم الحجاج، والحجة: المرة الواحدة، وبالكسر: التلبية والإجابة، وقيدها الجوهري بالكسر ، قال أبو موسى الحافظ: وهو من النوادر.
قلت: وأنكره قوم، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أنه قال: يقال في كل شيء فعلت فعلة إلا في شيئين: حججت حجة ، رويته روية ، يعني إلى الغزو ، وقال أبو إسحاق: والحج بفتح الحاء الأصل تقول: حججت الشيء أحجه حجا: إذا قصدته، والفتح والكسر اسم للعمل .
قلت: وأكثر القراء على الفتح، وفي "أمالي الهجري": الحج: أكثر العرب يكسرون الحاء فقط. قلت: ويجمع على حجج.
وقوله: ومن كفر أي: من أهل الملك أو: بفرضه، ونقله ابن التين عن أكثر المفسرين، أو هو من إن حج لم يره برا ، وإن حبس لم يره إثما، وفي حديث: "من حج لا يرجو ثوابه ولا يخاف عقابه فقد كفر" . قال [ ص: 11 ] nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: لو أن الناس تركوا الحج لقاتلناهم عليه كما نقاتلهم على الصلاة والزكاة .
يجب الحج عندنا على التراخي خلافا للمزني ، ووفاقا nindex.php?page=showalam&ids=13760للأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في رواية: وأبو يوسف على الفور، وهو قول جمهور أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ولا نص nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة في ذلك، قال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف: مذهبه يقتضي أنه على الفور، وهو الصحيح عندهم، وقال ابن خواز [ ص: 12 ] منداد: واختلف في هذه المسألة أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على قولين .
حجة من لم يوجبه على الفور أنه فرض سنة خمس أو ست كما سلف، وفتحت مكة سنة ثمان ، فأقامه عتاب بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [ ص: 13 ] وحج nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق في التاسعة، وحج - صلى الله عليه وسلم - في العاشرة، وأما حديث الباب فأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "صحيحه" ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الاستئذان أيضا وقال: وأعجبه حسنها -يعني الفضل- فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها، وأخرجه بلفظ: هل يقضي أن أحج عنه؟ ، وذكره في الاعتصام أيضا عنه: nindex.php?page=hadith&LINKID=4706إن أمي نذرت الحج فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها" وسيأتي في الباب وقال: امرأة من جهينة .
وذكر في النذور: أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: إن أختي نذرت.
قال أبو العباس الطرقي: مدار هذا الحديث على nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، وقد اختلف عليه في إسناده، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عنه، عن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، عن nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس وهو الصحيح عندي، والحديث حديث الفضل; لأنه كان رديف سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة النحر من مزدلفة إلى منى، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس قدمه - عليه السلام - في ضعفة أهله من جمع بليل، فقد دل عن شاهد واحد أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يحضر في تلك الحال، وإنما سمع ذلك من الفضل كما جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 14 ] حين دفعوا عشية عرفة: nindex.php?page=hadith&LINKID=682929 "عليكم بالسكينة" .
قال عبد الله: وأخبرني الفضل nindex.php?page=hadith&LINKID=682563أنه - عليه السلام - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عنه أنه أصح ما روى عبد الله عن الفضل ، قال: ويحتمل أن عبد الله سمعه من الفضل وغيره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم روى هذا فأرسله ولم يذكر الذي سمعه منه .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم صحيحا من حديث عبيد الله بن عباس قال: كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل فقال: يا رسول الله إن أمي عجوز كبيرة، إن حزمتها خشيت أن يقتلها، وإن لم أحزمها لم تستمسك ، فأمره أن يحج عنها . قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم في "علله": عبيد الله عن رسول الله مرسل .
إذا تقرر ذلك; فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
فيه جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة، وهو إجماع، وقد جمع ابن منده الإرداف في جزء فزاد على الثلاثين، وقد تقدم ذكر ذلك ويحتمل الزيادة، فالارتداف للسادة الرؤساء سائغ ولا سيما في الحج ؛ لتزاحم الناس ومشقة الرحالة; ولأن الراكب فيه أفضل كما ستعلمه.
[ ص: 15 ] ثانيها:
قوله: (فجاءت امرأة من خثعم) وأسلفنا رواية أخرى: من جهينة، وهاتان القبيلتان لا يجتمعان; لأن جهينة هو: ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة. وخثعم هو: ابن أغار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن زيد بن لهلان.
ثالثها:
هذه المرأة يجوز أن تكون غاثية أو غائثة، لكن فيه أنها سألت عن أمها ، ففي كتاب "الصحابة" لابن منده وأبي نعيم في باب الغين المعجمة: غائثة أو غاثية أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي ماتت وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة، فقال: "اقضي عنها" .
رابعها:
فيه دلالة أن المرأة تكشف وجهها في الإحرام، وهو إجماع كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، ويحتمل - كما قال ابن التين - أنها سدلت ثوبا على وجهها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: فيه احتمال أن ليس على النساء غض أبصارهن عن وجوه الرجال، إنما يغضضن عورتهن، وقال بعض المالكية: ليس على المرأة تغطية وجهها لهذا الحديث، وإنما على الرجل غض بصره، وقيل: إنما لم يأمرها بتغطية وجهها، لأنه محل إحرامها، وصرف وجه الفضل بالفعل أقرب من الأمر، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر إلى أن المراد في قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31] أنه الوجه والكفان ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وعطاء وأكثر الفقهاء . وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: الثياب .
سابعها:
فيه أن النيابة في الحج سائغة بأجرة وبغيرها، وهو أن يكون عاجزا [ ص: 17 ] عن المباشرة بنفسه، إما بزمانة لا يرجى زوالها وسببها، فله أن يستنيب، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح: لا يحج أحد عن أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام.
وحاصل ما في مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ثلاثة أقوال: مشهورها لا تجوز النيابة، ثالثها: تجوز في الولد، وقال: يتطوع عنه بغير هذا، يهدي عنه أو يتصدق أو يعتق، وتنفذ الوصية به على المشهور عندهم ، ويكون لمن حج أحب إلي، فإن لم يوص لم يجز، وإن كان فلا ضرورة على الأصح، ويكره للمرء إجارة نفسه على المشهور وتلزم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الإسلام وهو قادر على أن يحج لا يجزئه إلا أن يحج بنفسه، لا يجزئ أن يحج غيره عنه ، وقد روينا عن علي أنه قال لرجل كبير لم يحج: إن شئت فجهز رجلا يحج عنك .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وبعض السلف: لا يصح الحج عن ميت ولا عن غيره - وهي رواية عن مالك - وإن أوصى به، وفي "مصنف ابن أبي شيبة" عن ابن عمر أنه قال: لا يحج أحد عن أحد، ولا يصم أحد عن أحد، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي .
وقال صاحب "الهداية": الأصل أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره ، صلاة أو صدقة أو صوما أو غيرها عند أهل السنة والجماعة، لما روي أنه - عليه السلام - ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته، والعبادات أنواع: مالية محصنة كالزكاة، وبدنية كالصلاة، ومركب منها كالحج، والنيابة تجزئ في النوع الأول ولا الثاني، وتجزئ في الثالث عند العجز دون القدرة، والشرط العجز الدائم إلى وقت الموت، وظاهر مذهبهم أن الحج يقع عن المحجوج عنه; لحديث الخثعمية، وعند محمد أنه يقع عن الحاج ، وللآخر ثواب النفقة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: العجب من nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كيف روى هذا الحديث ولم يقل به؟ قال: وقد تأول بعضهم أن معنى (أدركت أبي شيخا كبيرا) أي أسلم وهو شيخ بهذه الصفة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث، فذهب جماعة منهم إلى أنه مخصوص به أبو الخثعمية، لا يجوز أن يتعدى به إلى غيره، بدليل الآية السالفة من استطاع إليه سبيلا وكان أبوها ممن لا يستطيع ، فلم يكن عليه الحج ، فلما لم يكن عليه لعدم استطاعته ، كانت ابنته مخصوصة بذلك الجواب، وممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه ; لأن الحج عندهم من عمل البدن ، فلا ينوب فيه أحد عن أحد كالصلاة.
[ ص: 19 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم من حديث إبراهيم بن محمد (العبدوي) nindex.php?page=hadith&LINKID=3120أن امرأة قالت: إن أبي شيخ كبير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حجي عنه، وليس لأحد بعده" وكذا رواه محمد بن حبان (الإخباري) أن امرأة قالت.... الحديث ، وهو ضعيف بالإرسال وغيره، ويحتمل أن يكون معنى (أدركت أبي) أي: أن الحج فرض وأبوها على تلك الحالة، ويبعده قولها: عليه فريضة الحج، والشارع إنما أجابها بالإحجاج عنه لما رأى من حرصها على إيصال الخير له، كما أجاب الأخرى في النذر وشبهه بالدين، والإجماع على أنه لا يجب على وليه قضاء الدين عنه، وجعله بعض المالكية خاصا بالابن عن أبيه، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم مرسلا وضعفه عن محمد بن الحارث التيمي ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحج أحد عن أحد إلا ولد عن والد" .
قال الطرطوسي في "الحج" : تأليفه في هذا الحديث أربعة: أوله وجوب الحج على المعضوب لإقرارها عليه تشبيهه بالدين - وهو واجب - جواز فعلها عنه وأنه ينفعه، ويحتمل أن تريد: أحج عنه ؟ أي: بعد موته، أو يكون أوصى به.
فرع:
بذل الولد الطاعة يصير مستطيعا به على الأصح.
[ ص: 20 ] فرع:
لو صح المعضوب بعد ذلك أعاده عندنا وفاقا للكوفيين nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور، وخلافا nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد وإسحاق.
فرع غريب: عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين: كانوا يرون أن المرأة إذا حجت وفي بطنها ولد، أن له حجا، وعن طاوس: يجزئ عن الصغير حجة حتى يكبر .
أحدهما: أن من قدر على الوصول ببدنه فقد لزمه، وإن لم يجد راحلة، وهو بمنزلة من يجدها ويعجز عن المشي، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير وعكرمة والضحاك، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
ثانيها: أنها الزاد والراحلة، وهو قول الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق وعبد العزيز بن أبي سلمة nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون وظاهر قول nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب، وأثبته الطرطوسي قولا ، وادعى أن ذكر الراحلة لم يذكر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وليس كما ذكر، فهي فيه في nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني .
[ ص: 21 ] وأخذ nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب من حديث الباب ما نحا إليه مالك فقال فيه: إن الاستطاعة لا تكون الزاد والراحلة، ألا ترى أن ما اعتذرت به هذه المرأة عن أبيها ليس بهما، وإنما كان ضعف جسمه ؟ فثبت أن الاستطاعة شائعة كيفما وقعت وتمكنت، وقال غيره: إنها في لسان العرب: القدرة، فإن جعلناها عموما في كل قادر جاز ، سواء قدر ببدنه أو به وبماله أو بماله ، إلا أن تقوم دلالة، وإن قلنا: إن حقيقتها أن تكون صفة قائمة في المستطيع ، كالقدرة والكلام والقيام والقعود ، فينبغي أن تكون الاستطاعة صفة فيه تخصه، وهذا لا يكون إلا لمن هو مستطيع ببدنه دون ماله، وقد سلم المخالف أن المريض ليس بمستطيع وإن وجدهما، وأهل الحرم والمواقيت فما دونهم لا يعتبر فيهم زاد ولا راحلة .
فاحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن وافقه أنه - عليه السلام - لما سئل عن السبيل في قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [آل عمران: 97] قال: "الزاد والراحلة" أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم -أبو عبد الله- في "مستدركه" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، قال: صحيح على شرط الشيخين، ثم ذكر له متابعا على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بلا دليل .
وحكى القاضي حسين وجها أنه لا يشترط وجود الزاد في حق من هو على دون مسافة القصر; لأنه كالحاضر. وحكى ابن كج عن أبي علي الطبري أنه إذا كان في الحرم يلزمه الحج إذا كان صحيحا ولم يكن له مال ولا كسب قال: وهذا فاسد ؛ إذ لا يكلف المسألة في الطريق.
[ ص: 22 ] وقول ابن بطال: {فإن احتجوا بحديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=101245 "السبيل الزاد والراحلة"، فإن nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وغيره قالوا: راويه إبراهيم الخوزي، وهو ضعيف} عجيب منه في اقتصاره على طريق ضعيف، وطرحه لما صح كما أسلفناه ، على أن nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي حسنه من الوجه المذكور، قال: وإبراهيم يضعف ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بإسقاطه ، ثم نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر أنه قال: لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة ، وليس بمتصل .
قلت: ما ذكرناه ثابت متصل ، فقدم على الطريقة الضعيفة، ثم قال: والآية عامة ليست مجملة ، لا تفتقر إلى بيان ، فكأنه تعالى كلف كل مستطيع على أي وجه قدر: بمال أو بدن، قال: والدليل على ذلك حديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=662959 "لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي" فجعل صحة الجسم مساوية للغنى، فسقط قول من اعتبر الراحلة.
قلت: لا يسقط ، فإن الحديث مفسر للاستطاعة في الآية، وهو المبين عن الله، وقال إسماعيل بن إسحاق: لو أن رجلا كان في موضع يمكنه [ ص: 23 ] المشي إلى الحج وهو لا يملك راحلة لوجب عليه الحج; لأنه مستطيع إليه سبيلا .
قلت: لا نسلم له ، ثم قال: وما رووه عن السلف في ذلك أن السبيل الزاد والراحلة، فإنما أرادوا التغليظ على من ملك هذا المقدار ولم يحج; لأنهم ذكروا أقل الأملاك التي يبلغ بها الإنسان إلى الحج.
قلت: لا نسلمه ، بل أرادوا التشريع، فإن قيل: فإنها عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة ، فوجبت فيها الراحلة ، أصله الجهاد، قيل: لا فرق بينهما، ومن تعين عليه فرض الجهاد وهو قادر ببدنه على المشي فليست الراحلة شرطا في وجوبه عليه .
فرع:
انفرد nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم حيث قال: الحج واجب على العبد أيضا; احتجاجا بقول nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر: ما من مسلم. وقال الآخر: ما من أحد من خلق الله إلا وعليه عمرة وحجة معا، ولم يخصا إنسيا من جني ولا حرا من عبد، وسئل nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم وسلمان بن يسار عن العبد يحج بإذن سيده فقالا: يجزئ عنه من حجة الإسلام، فإذا حج بغير إذنه لم يجزه [ ص: 24 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: إذا حج العبد وهو فحل أجزأت عنه حجة الإسلام، قال: وأما خبر nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرسل لا يعرف، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقفه جماعة .
فإن صح وقفه فهو منسوخ; لأنه كان قبل الفتح، ومن قال: إنه - عليه السلام - لم يحج بأم ولده فكذب شنيع لا يوجد.
والصحيح أنه موقوف على nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: الصواب وقفه عليه، وأعله بعضهم بالإرسال، والذي يصح في هذا المعنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سئل عن رجل لم يحج، أيحج عن غيره؟ فقال: "دين الله جل وعز أحق أن يقضيه" وليس فيه أنه لو أحرم عن غيره كان ذلك الإحرام عن نفسه.
وقال الطرطوسي: وهو حجة على من قال به; لأن قوله: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" وفي لفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=673469 "اجعل هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة" دليل على أنه كان انعقد عن شبرمة، فلو كان قد وقع هذا عن نفسه كما زعمتم كيف يقول له: "حج عن نفسك؟! " غير أن هذا كان في عام الفتح ; لأنه - عليه السلام - فسخ حجهم إلى عمرة، وإن خالف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الفسخ، فقد رده عليه المتقدمون والمتأخرون والفقهاء [ ص: 26 ] والمحدثون، والجماعة مطبقون على أن هذا كان عام الفتح، فلما جاز فسخ الحج إلى العمرة جاز فسخه من شخص إلى شخص.
فإن قلت: أراد بقوله: "اجعل هذه عن نفسك" التلبية لا الإحرام.
قلت: هذا غلط; لأنه قال: "أحججت عن نفسك؟ " وهو صريح في الحج دونها.
قلت: الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بإسناد على شرط الصحيح بلفظ: "حج عن نفسك" ، ورواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "صحيحه": nindex.php?page=hadith&LINKID=679407 "فاجعل هذه عن نفسك، ثم حج عن شبرمة" قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: إسناده صحيح ، ليس في الباب أصح منه ، وصححه ابن القطان أيضا عنه ، وحمله بعضهم على الندب عملا بقوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=12966 "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني: وهاهنا بدل شبرمة نبيشة، والصواب شبرمة .
وما سلف من الجواز هو قول الحسن وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب وجعفر بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا مثله. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وإسحاق: لا يجوز، ويقع إحرامه عن حجة الإسلام، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: يقع الحج باطلا ولا يصح عنه ولا عن غيره، ونقل عن بعض الحنابلة كما في "المغني".
[ ص: 27 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في "مسنده": حدثنا سعيد بن سالم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد، عن طاوس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سألته عن الرجل لم يحج: أيستقرض الحج؟ قال: لا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري: إن كان يقدر على الحج عن نفسه يحج عن نفسه، وإلا حج عن غيره، وحكاه النووي عن nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=11998وداود أيضا ، محتجين بأن الحج مما تدخله النيابة ، فجاز أن يؤديه عن غيره ممن لم يسقط فرضه عن نفسه كالزكاة. وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن nindex.php?page=showalam&ids=16667عمر بن ذر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في الرجل يحج عن الرجل ولم يكن حج قط قال: يجزئ عنه وعن صاحبه الأول. وعن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون، حدثنا حميد بن الأسود، عن جعفر، عن أبيه أن عليا كان لا يرى بأسا أن يحج الصرورة عن الرجل. وحدثنا يزيد بن هشام، عن الحسن، أنه كان لا يرى بأسا أن يحج الصرورة عن الرجل. وعن ابن المسيب بإسناد جيد: إن الله واسع لهما .
فرع:
لو كان عليه قضاء ونذر قدم القضاء ثم النذر، فإن خبط ترتب، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك: يقع عما نواه .