ثالثها: حديث nindex.php?page=showalam&ids=83المسور في القباء، وقد سلف. وفيه: فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته.
الشرح:
التعاليق الأول: خلا عطاء، ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة فقال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17104معاذ بن معاذ عن أشعث، عن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين، قالا:
[ ص: 537 ] شهادة الأعمى جائزة. وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي، عن سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنه كان يجيز شهادة الأعمى.
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل، عن يحيى بن سعيد، سألت nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة فقلت: إن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد سئل عن الأعمى فقال: تجوز شهادته ويؤم القوم، فقال: وما يمنعه أن يؤم ويشهد!
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث، عن أشعث، عن الحسن قال: لا تجوز شهادة الأعمى إلا أن يكون شيئا قد رآه قبل أن يذهب بصره.
وقال أبو محمد ابن حزم: صح عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه أجاز شهادة الأعمى.
وأثر nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر -يعني: ابن أبي شيبة- عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح، nindex.php?page=showalam&ids=12424وإسرائيل، عن عيسى بن أبي عزة عنه أنه أجاز شهادته.
وأثر الحكم رواه أيضا، عن nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، سألت الحكم عن شهادة الأعمى، فقال: رب شيء تجوز فيه. يريد إذا كان شيء يعلم بالصوت، أو اللمس أو نحوه، واحتجاج nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=11بابن عباس; لأنه كف بصره في آخر عمره كأبيه وجده، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وأبو قحافة، nindex.php?page=showalam&ids=187وأبو حميد الساعدي، وغير واحد من التابعين، منهم: عبد الله بن عبد الحكم، وأبو بكر بن عبد الرحمن، ذكره ابن التين.
[ ص: 538 ] وتعليق nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة سلف في المكاتب، وأثر nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة ورد حديث يخالفه، أخرجه ابن منده في كتاب "الصحابة" أنه صلى الله عليه وسلم كلمته امرأة وهي منتقبة فقال: "أسفري; فإن الإسفار من الإيمان". وقوله في حديث مخرمة: تكلم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته فخرج، وقال في رواية أخرى: أمرني أبي فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعله دخل ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا لصوت مخرمة.
والتهجد: الصلاة بالليل وإن قلت، وقيل: إنه السهر.
وعباد: هو ابن بشر، من كبار الأنصار، وهو أحد صاحبي القضاء، كما نبه عليه ابن التين.
فأما ما ذكره في نكاحه فهو ضرورة الأعمى في نفسه لا لغيره فيه، وما رواه في التأذين فقد أخبر أنه كان لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، وكفى بخبر الشارع عنه شاهدا له بأنه لا يؤذن حتى يصبح، فلو قال - عليه السلام- لمن قال: إنه صادق فيما يقول كان مصدقا.
[ ص: 539 ] وما قاله عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري في nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، فإنما هو تهويل لا احتجاج، أترى لو شهد nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لأبيه أو لابنه أو لمملوكه، أكانت تقبل شهادته؟ وكان أفقه من أن يشهد فيما لا يجوز قبول شهادته فيه، وما ذكره من سماعه - عليه السلام- قراءة رجل بيان أن كل صائت وإن لم ير مصوته يعرف بصوته; لأنه إنما ترحم عليه، (فإذا كان إياه كان نسي أو أسقط); إلا أنه شهد أنه فلان. وما ذكره من قصة مخرمة فإنما يريد محاسن الثوب مسا لا إبصارا له بالعين.
ثم قال: هذا شيء لا يتعداه إلى غيره; لأنه لا ضرر على غيره منه، ومن معرفته ثوب يوهب له أو جهله، والشهادة بشيء احتيج إليها; لأجل الحق بها من العين، وهي البصراء، مندوحة عن الأضواء، وما لا بد للأعمى منه في نفسه فهو مضطر إليه لا سبيل إلى تكليفه فيه غير الممكن، ومن حيث تعلم قلة اشتباه الأصوات والتباسها علينا في الكثير من الناس، كذلك تعلم قلة الاشتباه من الصوت؛ حيث يلتبس على المبصر إلا نادرا، دليل على الشهادات المأخوذ منها بالتثبت مخالفة لما يجري على السهولة، وقد يأذن الصغير والضرير على الإنسان في داره ثم لا تقبل شهادة الصغير، وكذلك الضرير. هذا آخر كلامه، وما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن جماعات استفتح بهم الباب شاهد له، وكذا معرفة عائشة صوت سليمان; لأنها لم تره (حالتئذ)، nindex.php?page=showalam&ids=100وابن أم مكتوم وإن كان لا ينادي حتى يقال له: أصبحت.
[ ص: 540 ] فمن سمع nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا فقد اعتمد على صوته في الأكل والشرب، وبعث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الرجل ظاهر في الاعتماد عليه، واكتفى بخبر الواحد مع قرائن الأحوال، كما نبه عليه ابن المنير، ولعل البخاري يشير بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إلى شهادة الأعمى على التعريف، أي: تعرف أن هذا فلان، فإذا عرف شهد، وشهادة التعريف مختلف فيها عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وكذلك البصير إذا لم يعرف نسب الشخص يعرفه نسبه من يثق به، فهل يشهد على فلان بن فلان بنسبه أو لا؟ مختلف فيه أيضا.
وقد اختلف العلماء في شهادة الأعمى فأجازها سوى من ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث، فيما طريقه الصوت، وسواء علم ذلك قبل العمى أو بعده، قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: وإن شهد على زنا حد للقذف ولم تقبل شهادته، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وابن أبي ليلى: إذا علمه قبل العمى جازت، وما علمه في حال العمى لم يجز، وهو قول أبي يوسف والشافعي.
قلت: ويجوز عندنا فيما إذا قاله في إذنه وتعلق به وشهد عند قاض، وفي الاستفاضة والترجمة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ومحمد: لا تجوز شهادته بحال.
حجة المجيز: سماعه - عليه السلام- صوت عباد ودعا له، وسمع صوت مخرمة من بيته فعرفه، وكذلك عرفان nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة صوت سليمان.
[ ص: 541 ] واحتج nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بقصة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم فقال: وكان أعمى إماما مؤذنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل الشارع وأصحابه والمسلمون المؤذنين في الأوقات والسماع منهم، وقال: إنما حفظ الناس عن أمهات المؤمنين ما حفظوه من وراء حجاب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب: والذي سمع صوت nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم من بيته فعلم أنه الذي أمر الشارع بالكف عن الطعام بصوته، فهو كالأعمى أيضا، يسمع صوت رجل فعرفه فتجوز شهادته عليه بما سمع منه وإن لم يره.
قال ابن القصار: والصوت في الشرع قد أقيم مقام الشهادة; ألا ترى أن الأعمى يطأ زوجته بعد أن يعرف صوتها، والإقدام على الفرج واستباحته أعظم من الشهادة في الحقوق.
واحتج من لم يجز شهادته فقال: إن العقود والإقرارات لا تجوز الشهادة عليها بالاستفاضة، فكذلك لا تجوز شهادة الأعمى; لأنه لا يتيقن أن هذا صوت فلان لجواز شبهه بصوت غيره؛ كالخط لا يجوز أن يشهد عليه حتى يذكر أنه شاهد فيه; وإنما كان ذلك لأن الخط يشبه الخط، قالوا: وهذه دلالة لا انفصال عنها.
والجواب: أن العقود والإقرارات مفتقرة إلى السماع ولا تفتقر إلى المعاينة، بخلاف الأفعال التي تفتقر إلى المعاينة، دليله قوله تعالى: واختلاف ألسنتكم وألوانكم [الروم: 22] فجعل الدلائل على محكم صنعته ووحدانيته اختلاف الألسن والألوان، ثم وجدنا الخلق قد تتشابه كما تتشابه الأصوات.
فلما تقرر أنه إذا شهد على عين جاز، وإن جاز تشبه عينا أخرى.
كذلك يشهد على الصوت وإن جاز أن يشبه صوتا آخر.
[ ص: 542 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: وقد رجع nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن الشهادة على الخط; لأن الخطوط كثيرة الشبه، وليست الأصوات والخلق كذلك; ألا ترى أنه تعالى ذكر اختلاف الألسنة والألوان ولم يذكر الخطوط.
واعترض ابن القابسي فقال: قد روى الأثبات الحكم بشهادة الخط، منهم ابن القاسم وابن وهب، واستمر عليه العمل.
وقال ابن التين: قول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم وموافقيه هو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فتقبل شهادته على ما يلمسه من حار أو بارد، فيما يذوقه أنه حلو أو حامض، وفيما يشبهه، وأما ما طريقه الصوت كالإقرار وشبهه فتقبل عنده، وسواء تحملها أعمى، أو بصيرا ثم عمي -خلافا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما- لا تقبل إذا تحملها أعمى.
وحكى ابن القصار عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه إذا تحملها بصيرا ثم عمي لا يؤديها كما أسلفناه، ولا شك أن أمهات المؤمنين أخذ عنهن الصحابة والتابعون من وراء حجاب، وقد قال تعالى: واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة [الأحزاب: 34]. وحديث أذان بلال حجة في ذلك كما سلف، وكذا وطؤه زوجته; لأنه إنما يعرفها بالصوت، ومعلوم أن الأعمى يتكرر عليه سماع صوتها فيقع له العلم بذلك، فكان الصوت طريقا يميز به بين الأشخاص.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم: شهادة الأعمى مقبولة كالصحيح. روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس.
وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وشريح nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج،
[ ص: 543 ] وأحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=12444إياس بن معاوية، وأحد قولي ابن أبي ليلى، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق وأبي سليمان وأصحابنا.
وقالت طائفة: يجوز فيما عرف قبل العمى، ولا يجوز فيما عرف بعده.
وهو أحد قولي الحسن، وأحد قولي ابن أبي ليلى، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابه. وقد يحتج له بما روي عنه أنه - عليه السلام- سئل عن الشهادة، فقال: "ألا ترى الشمس؟! على مثلها فاشهد" لكن قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: لا يصح سنده; لأنه من طريق محمد بن سليمان بن مسمول وهو هالك، عن عبد الله بن سلمة بن وهرام وهو ضعيف، لكن معناه صحيح.
وقالت طائفة: يجوز في الشيء اليسير، روينا ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي.
[ ص: 544 ] وقالت طائفة: لا يقبل في شيء أصلا إلا في الأنساب وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر، ورويناه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ولا يعرف أصحاب هذه الرواية.
وقالت طائفة: لا يقبل جملة، روينا ذلك عن علي وليس بصحيح عنه; لأنه من طريق الأسود بن قيس، عن أشياخ من قومه عنهم. وعن nindex.php?page=showalam&ids=12444إياس بن معاوية nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن بن أبي الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي أنهم كرهوا شهادته.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: لا يقبل في شيء أصلا، لا فيما عرف قبل العمى ولا فيما عرف بعده، وقد سلف.
قال nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع: ثنا سفيان أن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة شهد عند nindex.php?page=showalam&ids=12444إياس بن معاوية فرد شهادته.
وسئل إبراهيم عنها، فحدث بحديث كأنه كرهه.
قلت: فتحصلنا فيه على ستة مذاهب: المنع المطلق، والجواز المطلق، والجواز فيما طريقه الصوت دون البصر، الفرق بين ما علمه قبل وما لم يعلمه، الجواز في اليسير، الجواز في الأنساب خاصة.