ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد ، فلما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قفل معه ، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه ، ثم ذكر أنه علق سيفه بشجرة وذكر قصة الأعرابي معه .
ثم ترجم له بعد باب : تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر ، ثم ساقه أيضا . وفي لفظ : كان nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة يذكر أن قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأرسلوا هذا الأعرابي (ويتلو ) واذكروا نعمة الله عليكم الآية [المائدة : 11] .
أحدها : كانت هذه الواقعة قبل نجد كما سلف وعند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : قبل أحد . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أن ذلك كان في غزوته إلى غطفان لثنتي عشرة مضت من صفر . وقيل : في ربيع الأول سنة اثنتين ، وهي غزوة ذي أمر ، وسماها nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي غزوة أنمار ، ويقال : كان ذلك في ذات الرقاع ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - نزع ثوبيه ونشرهما على شجرة ليجفا من مطر كان أصابه ، واضطجع تحتها ، فقال الكفار لدعثور -وكان سيدهم وكان شجاعا - قد انفرد محمد فعليك به . فأقبل ومعه صارم حتى قام على رأسه ، فقال : من يمنعك مني ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الله " فدفع جبريل في صدره ، فوقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : "من يمنعك أنت اليوم مني ؟ " فقال : لا أحد . فقال : "قم فاذهب لشأنك " فلما ولى قال : أنت خير مني . فقال - صلى الله عليه وسلم - : "أنا أحق بذلك منك " ثم أسلم بعد . وفي لفظ : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد رسول الله . ثم أتى قومه فدعاهم إلى الإسلام .
[ ص: 637 ] قلت : فيجوز تعدد الواقعة . وذكرها nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في غزوة خيبر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، ولعله أشبه ; لأنه قيل : (إن [نزول] ) آية العصمة كان بعد بنائه بصفية أو ليلة البناء .
ثانيها : (اسمه ) غورث بن الحارث كما سلف ، وسماه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب غورك بالكاف بدل الثاء ، وللخطابي : غويرث بالتصغير . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض أنه مضبوط عند بعض رواة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعين مهملة ، قال : وصوابه بالمعجمة . وقال الجياني : هو فوعل من الغرث ، وهو الجوع .
ثالثها : قد أسلفنا أن جبريل - صلى الله عليه وسلم - دفعه في صدره فوقع السيف . وعند nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : لما هم بقتله أخذته الزلخة : يعني : رجفا في صلبه ، فندر السيف من يده .
رابعها : معنى : "اخترط سيفي وأنا نائم " أي : استله بسرعة ، وأصله من خرطت العود أخرطه وأخرطه خرطا ، ذكره القزاز . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : معناه : سله .
وقوله : ("وهو في يده صلتا " ) أي : جرده ، ومثله مصلت : مخرج من جفنه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي في "شرح مختصره " : قوله : "والسيف صلت في يده " روي برفع : "صلت " ونصبه ، فمن رفعه جعله خبر المبتدأ الذي هو
[ ص: 638 ] السيف ، و"في يده " متعلق به ، ومن نصب جعل الخبر في المجرور ونصب صلتا على الحال أي مصلتا ، والمشهور فتح لام "صلت " . وذكر القتبي أنها تكسر في لغة . وقال ابن عديس : ضربه بالسيف صلتا وصلتا بالفتح والضم . أي : مجردا . يقال : سيف صلت و (منصلت ) وإصليت : متجرد ماض .
وقوله : ("فشام السيف " ) أي : أغمده ، ويطلق أيضا في اللغة على سله ، والمراد هنا : أغمده ، وغمده وأغمده بمعنى . قال nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : هو من الأضداد ، سله وأغمده ، وبه جزم ابن بطال أيضا .
وقوله : ("من يمنعك مني ؟ " ) استفهام مشوب بالنفي ، كأنه قال : لا مانع (لي منك ) . فلم يبال بقوله ، ولا عرج عليه ثقة بالله وتوكلا عليه .
سادسها : في فوائده فيه كما قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : أن تعليق السيف والسلاح في الشجر صيانة لها من الأمر المعمول به .
[ ص: 639 ] وفيه : أن تعليقها على بعد من صاحبها من الغرر لا سيما في القائلة والليل ، لما وصل إليه هذا الأعرابي من سيفه - صلى الله عليه وسلم - .
وفيه : تفرق الناس عن الإمام في القائلة ، وطلبهم الظل والراحة ، ولكن ليس ذلك في غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد أن يبقى معه من يحرسه من أصحابه ; لأن الله تعالى كان قد ضمن لنبيه العصمة ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ، قال : وقيل : إن هذه القصة كانت سبب نزول هذه الآية . ثم ساق ما أسلفناه عن nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة .
وفيه : أن حراسة الإمام في القائلة والليل من الواجب على الناس ، وأن تضييعه من المنكر والخطأ .
وفيه : جواز نوم المسافر إذا أمن ، وفي تبويب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا ما يشعر بأن المجاهد إذا أمن نام ووضع سلاحه ، وإن خاف استوفز .
وفيه : دعاء الإمام لأتباعه إذا أنكر شخصا ، وشكوى من أنكره إليهم .
وفيه : ترك الإمام معاقبة من جفا عليه وتوعده إن شاء ، والعفو عنه إن أحب .
[ ص: 640 ] تلك الحالة تحقق صدقه وعلم أنه لا يصل إليه بضرر ، وهذا من أعظم الخوارق للعادة ، فإنه عدو متمكن ، بيده سيف مشهور ، وموت حاضر ، ولا تغير له - صلى الله عليه وسلم - حال ، ولا جزع ، وهذا من معجزاته - عليه أفضل الصلاة والسلام - .
فائدة :
الدؤلي في إسناد البابين بضم الدال وفتح الهمزة (نسبة إلى ) [الديل من كنانة ، واسمه :] سنان بن أبي سنان . قال الأخفش فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم السجستاني : جاء حرف واحد شاذ على وزن فعل وهو الدؤل ، وهو دويبة صغيرة تشبه ابن عرس ، وبها سميت قبيلة أبي الأسود الدؤلي ، وهي من كنانة ، إلا أنك تقول : الدؤلي فتفتح ، استثقلوا كسرتين بعد ضمة وياء النسب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : ليس في كلام العرب في الأسماء ولا في الصفات بنية على وزن فعل ، وإنما ذلك من بنية الفعل .