أحدها: أنه لما قال الله: كن فكان، سماه بالكلمة فالمعنى قد كلمه الله، وقيل: سمي بها، كما يقال: عبد الله وألقاها على اللفظ.
[ ص: 543 ] وقيل: لما كانت الأنبياء بشرت به وأعلمت أنه يكون من غير فحل، وبشر الله به مريم في قوله: لأهب لك غلاما زكيا [مريم: 9] فلما ولدته على تلك الصفة قال الله: هذه كلمتي. كما تخبر بالشيء، فإذا كان قيل: هذا قولي. وقيل: سمي كلمة; لأن الناس يهتدون به كما يهتدون بالكلمة.
وقوله: وجيها : شريفا (الكهل) هو: الحليم، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد كما نقله عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وأسنده عبد بن حميد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عنه، زاد غيره وهو الذي تجاوز ثلاثين سنة، وقيل: أربعين سنة، وقيل: ابن ثلاث وثلاثين سنة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب: الكهل: منتهى الحلم، والفائدة في قوله: وكهلا أنه أعلمها أنه يعيش إلى حينئذ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: إذا أنزله الله أنزله ابن ثلاث وثلاثين سنة فيقول: إني عبد الله كما قال في المهد، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: الكهل: الرجل وخطه الشيب.
وقد أسلفنا في تسمية المسيح أقوالا: الصديق كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، عن إبراهيم، أو لحسنه، أو لأنه كان يقطع الأرض ويمسحها لسياحته في الأرض فتارة كان بالشام وتارة بمصر، (والمهامي) والقفار، مفعل وعلى الأول فعيل، أو لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن، أو لأن زكريا مسحه، أو أنه اسم خصه الله به، أو لأنه كان لا أخمص [ ص: 544 ] برجله، أو لأنه لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، أو لأنه كان يلبس المسوح قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي، أو لأنه مسح بالبركة حين ولد، قال تعالى: وجعلني مباركا أين ما كنت [مريم: 31] أو لأن الله تعالى مسح الذنوب عنه.
(والأكمه: من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل) قاله nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد (وقال غيره: من يولد أعمى) ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري. وزاد الهروي: من عمي بعد الولادة. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك وابن فارس: إنه الأعمى.
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الباب الأول (أحد عشر) حديثا وحديثين في الباب الثاني. أما الحديث الذي في الباب الأول فأخرجه من حديث النضر عن هشام، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر، عن علي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=666182 "خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة" وسيأتي في فضائل nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، وقال: حسن صحيح، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق عن هشام، عن أبيه فقالا: عن nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير، عن nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر، عن علي، [ ص: 545 ] والصواب حذفه، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج رواه أيضا بإسقاطه كالجماعة، قال الدارقطني: ورواه أيضا (عبيد الله) ومحمد ابنا المنذر بن عبيد الله بن المنذر بن الزبير، عن هشام، عن أبيه، عن ابن جعفر، وأغربا بحديث آخر بهذا السند لم يتابعهما غيرهما وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - بشر خديجة ببيت من قصب اللؤلؤ. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "خير نسائها" فذكره مرسلا.
[ ص: 546 ] ويشهد له قوله تعالى عن الملائكة: إن الله اصطفاك الآية، وظاهره يقتضي أنها خير نساء العالمين من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة، قال: ويعتضد هذا الظاهر بأنها صديقة ونبية، وهو أولى من قول من قال: إنها غير نبية، وإذا ثبت ذلك -ولم يسمع في الصحيح أن في النساء نبية غيرها- فهي أفضل من كل النساء الأولين والآخرين؛ إذ النبي أفضل من الولي بالإجماع.
وروى في فضائلها بإسناده إلى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال علي - رضي الله عنه -: لقد علمتم أني أخو النبي - صلى الله عليه وسلم - ووزيره، وأني أولكم إيمانا، وأبو ولديه، وزوج ابنته سيدة ولده وسيدة نساء أهل الجنة. قال جعفر بن محمد: وكانت تسمى الصديقة.
[ ص: 547 ] والحديث الثاني ذكره معلقا فقال: وقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب: أخبرني يونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=654946 "نساء قريش خير نساء ركبن الإبل، أحناه على طفل وأرعاه على زوج في ذات يده" يقول أبو هريرة - رضي الله عنه - على إثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط. وهذا التعليق أسنده nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن حرملة بن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: تابعه nindex.php?page=showalam&ids=12544ابن أخي الزهري، وإسحاق الكلبي عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري.
زاد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي: وتابعه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر وصفوان بن عمرو.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب فقالت: يا رسول الله قد كبرت ولي عيال فقال: "خير نساء".
وفي رواية عند عبد الرحمن بن مقرب التجيبي في كتابه "مناقب قريش": "أحناه على يتيم" وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في النفقات في موضعين والنكاح.
واسم nindex.php?page=showalam&ids=12544 (ابن أخي الزهري) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، قتله غلمانه بأمر ابنه -وكان سفيها شاطرا- للميراث في آخر خلافة أبي جعفر، ثم وثب الغلمان عليه بعد سنين فقتلوه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم: إسحاق بن يحيى الكلبي الحمصي روى عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، وعنه يحيى بن صالح الوحاظي، سمعت أبي وأبا زرعة [ ص: 548 ] يقولان ذلك. زاد أبو زرعة: يعد في الحمصيين.
ومعنى: "أحناه على طفل": أشفقه، يقال: حنا عليه يحنو، وأحنى يحني وحنى يحني: إذا أشفق عليه وعطف، ومنه: حنت المرأة على ولدها تحنو إذا لم تتزوج بعد أبيهم. وفي بعض الكتب: (أحناة) بتشديد النون والتنوين.
قال ابن التين: ولعله مأخوذ من الحنان وهي الرحمة، ومنه حنين المرأة: نزاعها إلى ولدها وإن لم يكن لها عند ذلك صوت، وقد يكون حنينها صوتها على ما جاء في الحديث من حنين الجذع، والأصل فيه ترجيع الناقة صوتها على إثر ولدها.
فصل:
يؤخذ من قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: (لم تركب مريم بعيرا قط) ومن ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري له في قصة مريم تفضيلها على nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة nindex.php?page=showalam&ids=129وفاطمة; لأنهما من العرب المخصوصين بركوب الإبل، وقد سلف.
والحنو: الشفقة كما سبق. والرعاء: الحفظ، وإنما يأتي ذلك من الصلاح والخير.