ساق فيه حديث سعد بن مالك رضي الله عنه وقال: "إنك إن تذر ذريتك أغنياء " وقد سلف بطوله، ومعنى (أشفيت منه على الموت): قاربته في ظاهر الحال لاشتداد مرضه. [ ص: 572 ]
وقوله: "الثلث يا سعد" كذا هنا ابتداء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي غيره أن سعدا قاله، وهو دال لمن أجاز الثلث، وقد أسلفنا رواية: "ورثتك" و"ذريتك"، والصحيح كما قال ابن التين منهما: "ورثتك"; لأن الذرية الأولاد وأولادهم، وهو قد قال: "لا يرثني إلا ابنة لي"، وما ذكره لا يلزم فيه ذلك; لأنها ذرية وورثة، والذرية أصلها عند بعض النحاة فعلية من الذر يريد أن لام الفعل وعينه راء; لأن الله تعالى أخرج الخلق من صلب آدم كالذر، وقيل: أصلها ذرورة على وزن فعلولة يريد أن لام الفعل همزة من ذرأ الله الخلق، فأبدلت الهمزة ياء فصارت ذروية، ثم أدغمت الواو في الياء فقيل: ذرية.
وقوله: "عالة" أي: فقراء، واختلف هل كان ذلك في حجة الوداع كما في هذا الحديث، وهل هاجر سعد بن خولة رضي الله عنه، وهل قوله: "لكن البائس" من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول الراوي كما سلف هناك.
وقوله: "لست بنافق" كذا وقع، والصواب كما قال ابن التين وغيره، ليس بمنفق; لأنه من أنفق قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: سعد رضي الله عنه شهد بدرا، فإن كان المحفوظ أنه مات بمكة ففيه دلالة أنه أقام بمكة بعد الصدر من حجته، ثم مات ولو أقام من عذر لم يقبل ذلك فيه; لأنه قال حين حاضت صفية: "أحابستنا هي؟ ". [ ص: 573 ]
وإنما كره سعد المقام بعدهم، وإن كان له عذر لما يناله من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من الفضل. قال: وإن كان المحفوظ كسر الهمزة، ففيه دليل أنه قيل له: إنه يريد التخلف بعد الصدر فخشي عليه أنه يدركه أجله بمكة بعد تخلفه بعد الصدر. [ ص: 574 ]