وقد سلف في تفسير سورة النساء : ، ويأتي قريبا ، ومعنى استماعه القرآن من غيره ; ليكون عرض القرآن سنة ، ويحتمل لأجل التدبر والتفهم ، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من نفس القارئ ; لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها ، وأما قراءته - عليه السلام - على أبي كما سلف ليمتاز بذلك وليأخذه أبي من فيه فلا يخالجه شك في اختلاف القراءة من الشارع بعده ، وذلك إنما خاف عليه الفتنة في هذا الباب ; لأنه لا يجوز أن يكون أحد أقرأ للقرآن من الشارع ، ولا أدعى له وأعلم منه ; لأنه نزل به الروح الأمين عليه ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي .
[ ص: 161 ] وقال أبو بكر بن الطيب نحوه ; قال : قرأ الشارع على أبي وهو أعلم منه وأحفظ ليأخذ على نمط قراءته وسنته ويحتذي حذوه ، وقد روي هذا التأويل عن أبي وابنه .
وفي قوله : (حسبك ) جواز قطع القراءة على القارئ إذا حدث على المقرئ عذر أو شغل ; لأن القراءة على نشاط المقرئ أحرى لتدبر معاني القرآن وتفهم عجائبه ، ويحتمل أن يكون أمره بقطع القراءة تنبيها له على الموعظة والاعتبار في قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد الآية . ألا ترى أنه - عليه السلام - بكى عندها ، وبكاؤه إشارة منه إلى معنى الموعظة ; لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به ، وسؤال الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله ، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن .