الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4763 [ ص: 160 ] 33 - باب: قول المقرئ للقارئ حسبك .

                                                                                                                                                                                                                              5050 - حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اقرأ علي " . قلت : يا رسول الله ، اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ! قال : " نعم " . فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء : 41 ] قال : " حسبك الآن " . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان . [انظر : 4582 - مسلم: 800 - فتح: 9 \ 94 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ساق فيه الحديث المذكور بزيادة : فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا أتيت إلى هذه الآية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء : 41 ] قال : "حسبك الآن " . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في تفسير سورة النساء : ، ويأتي قريبا ، ومعنى استماعه القرآن من غيره ; ليكون عرض القرآن سنة ، ويحتمل لأجل التدبر والتفهم ، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من نفس القارئ ; لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها ، وأما قراءته - عليه السلام - على أبي كما سلف ليمتاز بذلك وليأخذه أبي من فيه فلا يخالجه شك في اختلاف القراءة من الشارع بعده ، وذلك إنما خاف عليه الفتنة في هذا الباب ; لأنه لا يجوز أن يكون أحد أقرأ للقرآن من الشارع ، ولا أدعى له وأعلم منه ; لأنه نزل به الروح الأمين عليه ، قاله الخطابي .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 161 ] وقال أبو بكر بن الطيب نحوه ; قال : قرأ الشارع على أبي وهو أعلم منه وأحفظ ليأخذ على نمط قراءته وسنته ويحتذي حذوه ، وقد روي هذا التأويل عن أبي وابنه .

                                                                                                                                                                                                                              وفي قوله : (حسبك ) جواز قطع القراءة على القارئ إذا حدث على المقرئ عذر أو شغل ; لأن القراءة على نشاط المقرئ أحرى لتدبر معاني القرآن وتفهم عجائبه ، ويحتمل أن يكون أمره بقطع القراءة تنبيها له على الموعظة والاعتبار في قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد الآية . ألا ترى أنه - عليه السلام - بكى عندها ، وبكاؤه إشارة منه إلى معنى الموعظة ; لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به ، وسؤال الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله ، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية