5872 [ ص: 659 ] 128 - باب: إذا (تثاءب) فليضع يده على فيه
6226 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16275عاصم بن علي، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب، عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، nindex.php?page=hadith&LINKID=655758عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله. وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاوب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان". [انظر: 3289 - مسلم: 2994 - فتح: 10 \ 611]
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. الحديث السالف، والمحبة والكراهة ينصرفان على سببهما، وذلك أن العطاس يكون مع خفة البدن وانفتاح السدد، والتثاؤب يغلب عند الامتلاء، وسببه: الإكثار من المأكل والتخليط فيه، فيكسل المرء عن فعل الخير. والتثاؤب مهموز، مصدر تثاءب، ولا تقل: تثاوب.
فصل:
قوله: "فحق". أي: متأكد، كما قال - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=652204 "من حق الإبل أن تحلب على الماء" . أي أنه حق في كرم المواساة، لا فرض; لاتفاق أئمة الفتوى على أنه لا حق في المال سوى الزكاة، وقيل: إنه فرض كفاية، إذا شمت واحد سقط عن الباقين. قاله أبو سليمان ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك
[ ص: 660 ] كالسلام .
وقال أهل الظاهر: هو واجب متعين على كل من سمع حمد العاطس. واحتجوا بهذا الحديث، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي عن مالك أن كل من سمعه يشمته، والذي في "المعونة" : ينبغي ذلك، وهو دال على أنه أمر إرشاد وندب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: قيل: إن العاطس إذا قال: الحمد لله، فقط، قالت الملائكة: رب العالمين، وإن زاد: رب العالمين، شمتته. وصوب nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري التخيير في ذلك كله، وفعله السلف الصالحون فلم ينكر بعضهم من ذلك شيئا على بعض.
[ ص: 661 ] وأما ما يقول المشمت، فقيل: يرحمك الله; على ما في الحديث، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=665660 "لما فرغ الله من خلق آدم عطس آدم، فألقى عليه الحمد، فقال له تعالى: يرحمك ربك". وروي عن إبراهيم قال: كانوا يعمون بالتشميت والسلام، وكان الحسن يقول: الحمد لله يرحمكم الله، وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وسالم وإبراهيم: يرحمنا الله وإياكم.
وأما ما يرد به العاطس، فعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لفظان: يهديكم الله ويصلح بالكم، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، والثاني: يغفر الله لكم. قال في "المعونة": والأول أفضل; لهذا الحديث، ولأن الهداية أفضل من المغفرة; لأنها قد تكون بلا ذنب بخلاف المغفرة . وقال في "تلقينه": الثاني أحسن. وقيل عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: يهديكم الله.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبي وائل nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي والكوفيين أنهم أنكروا الأول، واحتجوا بحديث أبي موسى nindex.php?page=hadith&LINKID=665033أن اليهود كانوا يتعاطسون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يقول: يرحمكم الله، فيقول ذلك . قيل: وإنما هذا يدعى به لغير مسلم. وهذا الحديث حجة عليهم. قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: ولا وجه لقولهم. واحتج عليهم nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بقوله تعالى: وإذا حييتم بتحية [النساء: 86] الآية، فإذا قال جواب (يرحمك الله): يغفر الله لكم، فقد رد مثل ما حياه، وإذا رد: بـ (يهديكم الله) إلى آخره، فقد رد أحسن; لأن المغفرة ستر الذنوب، والرحمة ترك
[ ص: 662 ] العقاب عليها، ومن هدي بعد من الذنوب، ومن أصلح باله فحاله فوق حال (المغفور) له، فكان ذلك أولى ، والبال: الحال، تقول: ما بالك، أي: ما حالك؟
فصل:
إنما لم يشمت الآخر تأديبا، ولم يأمره بالحمد; ليشمته، لعله رآه أبلغ في الموعظة، وقد قيل: إن من سبق العاطس بالتحميد أمن من وجع الضرس، وقيل: الخاصرة . وذكر عن بعض العلماء أنه قال لمن لم يحمد: كيف يقول العاطس؟ فقال: الحمد لله. قال: يرحمك الله.
فصل:
قد جاء في آخر الحديث معنى كراهية التثاؤب، وهو من أجل ضحك الشيطان منه، فواجب إخزاؤه وزجره برد التثاؤب، كما أمر به الشارع، بأن يضع يده على فيه.
فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: رأيت مالكا إذا تثاءب يضع يده على فيه، وينفث في غير الصلاة، وما أدري ما نعمله في الصلاة. قال في "المستخرجة": كان لا ينفث فيها. قال: قلت: ليس ذلك في الحديث. قلت: بل في nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: "فليضع يده على فيه" .
[ ص: 663 ] وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في آخر "صحيحه" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري: "فليمسك بيده على فيه" . وبوب له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولم يأت فيه بحديث: "فيه"، ولعله فهمه من قوله: "فليرده ما استطاع". فهو من رده، وقد قال: "ضحك منه الشيطان". وفي آخر: "فإن الشيطان يدخل". فإذا كان وضع اليد مانعا من دخوله ومن ضحكه من جوفه، كان فيه رد لموجب التثاؤب، وكأنه رد التثاؤب نفسه.
فصل:
ومعنى إضافة التثاؤب إلى الشيطان: إضافة رضى، وإرادة أنه يحب أن يرى تثاؤب الإنسان; لأنها حال المثلبة وتغيير لصورته، فيضحك من جوفه، لا أن الشيطان يفعل التثاؤب في الإنسان; لأنه لا خالق للخير والشر غير الله. وفي أبي داود: "إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه; فإن الشيطان يدخل" . فكل ما جاء من الإضافة إلى الشيطان فعلى معنى إضافة رضى وإضافة وسوسة.
فائدة: من علامات النبوة عدم التثاؤب، روي عن سلمة بن عبد الملك بن مروان: ما تثاءب نبي قط، ألا وإنها لمن علامات النبوة. (وفي "تاريخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري" مرسلا: أنه - عليه السلام - كان لا يثأب) .