ش: أي : هذا كتاب في بيان أحكام الصيام ، ولما فرغ من بيان العبادة المالية شرع في بيان العبادة البدنية ، وكان المناسب أن يذكر كتاب الصوم عقيب كتاب الصلاة ; لكون كل منهما عبادة بدنية ، وكتاب الزكاة بحذاء كتاب الحج ; لكون الصوم عبادة بدنية وكون الحج عبادة بدنية ومالية ، ولكن لما كان اتصال الزكاة بالصلاة أشد وأكثر حيث ذكرتا في القرآن والحديث متقارنتين ، ذكرت الزكاة عقيب الصلاة ، ثم قدم الصوم على الحج لكثرة دورانه بالنسبة إلى الحج ، فكان الاهتمام إلى بيانه أقوى .
والصوم في اللغة : عبارة عن الإمساك مطلقا . وقال الجوهري : الصوم الإمساك عن الطعام ، وقد صام الرجل صوما وصياما ، وقوم صوم -بالتشديد- وصيم ، وصام الفرس صوما أي قام على غير اعتلاف ، قال النابغة الذبياني :
خيل صيام وأخرى غير صائمة . . . تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
قلت : الصيام يأتي مصدرا كقام قياما ، ويأتي جمع صائم أيضا كقيام جمع قائم ، ونيام جمع نائم .